سيارة الشيخ, شيخة السيارات
احمد ابوخليل
15-08-2009 04:15 AM
للمرة الثانية أشاهد بعيني (التي ستأكلها الديدان ذات يوم) شرطي المرور يحرر المخالفات لسيارات في وضعية الوقوف الخاطئ, غير أنه كان ينتقي بعض السيارات و"يطسها" مخالفة ويترك أخرى بلا "طس", رغم أنها جميعاً في وضعية واحدة تستحق "الطس".
من الواضح أن السيارات مقامات أيضاً, ويمكن الاستدلال على مقام صاحب السيارة من مقام سيارته, وهذا ما كان يفعله شرطي المرور, فهو ترك السيارات الكبيرة الحديثة والفارهة وحرر مخالفات للسيارات الصغيرة القديمة بعد أن أجرى التوقعات اللازمة حول مقام أصحاب كل من هذين الصنفين من السيارات.
لا غرابة في ذلك, فالسيارة تعتبر من العناصر الداعمة للمركز الاجتماعي لصاحبها, وهي في هذا المجال أفضل من العمارة وأفضل من باقي الأملاك لأنها تتحرك مع صاحبها بينما العمارة والأملاك الأخرى ثابتة في مكانها, وإذا ابتعد صاحبها عنها فإنها تفقد قيمتها كعنصر دال على مركزه ومقامه, بينما السيارة تخدم صاحبها أينما حل.
يُعرَف الأردنيون بحسب أنواع سياراتهم وموديلاتها, وأنت تسأل عن شخص فيقال لك: "شو معه سيارة?" فإذا عرفت فإنك ستجد من يرشدك إليه فوراً, أو قد تسأل عن اسم "ابو القرش ونص" الذي مر من هنا, أو "أبو الجيمس الحمرا" التي توقفت قبل قليل... وهكذا. وبالمقابل أيضاً ستسأل عن شخص آخر معه "سيارة صغيرة يكركع عليها".
شرطي المرور المشار إليه أعلاه كان منسجماً مع الثقافة السائدة حيث "سيارة الشيخ شيخة السيارات".0
ahmad.abukhalil@alarabalyawm.net