درجاتي ليست دليلاً على قدراتي!
سليمان الطعاني
07-02-2019 12:26 PM
درجاتي ليست دليلاً على قدراتي وابداعاتي، عبارة لو استقرت في عقول بعض حملة شهادات الدكتوراه لعرفوا أن الحصول على أعلى الشهادات قد لا يدل على وجود قدرات ومواهب خاصة عند الشخص، وإنما يدل على أن هذا الشخص واصل مسيرة التلقي، متمتعاً بقدر من الجَلَد ومواصلة البحث فترة قد تطول وقد تقصرحصل بعدها على الشهادة التي لا تحمل دليلاً على الإبداع والموهبة، لا يوجد جامعة في العالم تدعي أن من مهامها تخريج المبدعين والمفكرين، وإنما الجامعات تقدم معارف في قوالب جاهزة ومكرورة للدراسين.. مما أدى إلى إلحاق الغبن بالمبدعين، وبأصحاب المهارات!
شهادة الدكتوراه عادة تعودنا عليها، مطمع عند الكثيرين لاكتساب مجموعة من الامتيازات المادية والمعنوية تارة أخرى، أصبحت تعني وسيلة للحصول على وظيفة محترمة خارج السلم الإداري ومكانة اجتماعية مرموقة وشيء من تقدير الذات، بدلاً من أن تكون طريقاً للإبداع ومضاعفة الجهد حتى تكون قليلة بحق حاملها صغيرة أمام طموحاته، كبيرة به لأنها تُنسَب لإسميه، شهادة الدكتوراه لا تعنى أن حاملها يمتاز عن غيره بالذكاء أو الفطنة أو النباهة فضلاً عن النبوغ أو العبقرية، انما تعني المصداقية والجدارة وتحقيق الذات وسعة الاطلاع والخبرة المعرفية والتجارب المتنوعة!
ليس كل من حصل على شهادة الدكتوراه لديه القدرة في إيصال المعلومة وإثباتها وتحريكها والنهوض بها وبالمجتمع فالشهادة لا تمنح الموهبة، والقدرات الفكرية الخاصة كما هو معروف، هناك فئة من البشر لديهم شهادات متدنية ولكن لو وضعوا في أي مكان لوجدتهم أكثر جدارة من الكثير ممن علقوا شهادات الدكتوراه على الجدران وفرحوا بها واطمأنوا لها وركنوا الى بريقها ولمعانها، الذين منحتهم الشهادة فرصة ان يدعوهم الناس بلقب الدكتور وان يضع امام اسمه حرف الدال بحيث أصبح يتحدّث ويفتي ويدرّس داخل الصف دون مراقبة!
الكثير من حملة الدكتوراه فضلوا القعود مع القاعدين عن اكتساب أي من المهارات الابداعية الضرورية! يعزلون أنفسهم عن المجتمع ومشاكله ولا يهمهم القضايا العامة لا يستطيعون ان يخوضوا ميادين كثيرة في الحياة العامة تحتاج الى درايتهم حيث نجد الأقل منهم درجة علمية يخوضونها بامتياز وهم الأكثر ابداعاً منهم وتميزاً والأجدر على ترك بصمات في مسيرة المجتمع!
إشكالية واضحة في مجتمعنا بالذات ولعلها خرافة متداولة في عقول الكثيرين منا الذين لا يلتفتون الى قيمة الشخص نفسه ومدى ابداعه وقدرته على العطاء المتميز، شهادة الدكتوراه لا يزال السعي وراءها يشتى الطرق، فقط من أجل وظائف مشروطة بها ومن أجل مصالح مباشرة تتجاوز نطاق المعرفة ومراكز البحوث، من أجل وظيفة تدر دخلا عاليا، سلطة وجاه ونفوذ ومناصب ومكاسب مادية ومعنوية، وبهذا تم تفريغ هذه الشهادة من مضمونها وأصبحت جواز مرور إلى الوجاهة والترقي في سلم المنافسات الوظيفية ، ولأنها كذلك عمد كثيرون إلى الأساليب غير المشروعة للحصول عليها، من تزوير للشهادات، أو بالحصول عليها من جامعات وهمية، أو باستئجار من يساعد في أداء أهم مهامها لأنها أصبحت مغرية كالمال تماما وكما هناك لصوص مال، فهناك لصوص شهادات، وهذه من تلك، وكلها تؤدي الدور نفسه في تدهور المجتمع الواحد.