وزير مياه الظِلّ .. “أبو محمد”!
باسم سكجها
06-02-2019 08:13 PM
الحياة على الأرض تُعلمنا الدروس، بعيداً عن شعارات ومقابلات الشاشات والاذاعات وعناوين الصحافة البرّاقة، وفيها تصريحات المسؤولين والناطقين الرسميين التي تبدو معها الدنيا زاهية، والمشروعات ضخمة، والاتفاقيات توقّع كل يوم، والأموال تنهال هبات وقروضاً، وهيك وهيك وهيك، وإلى آخره…
أبو محمد، ولا أعرف اسمه الأوّل أصلاً، يُدير شبكة مياه تستغرق قُرى كثيرة صار بعضها بحجم مدن صغيرة، ويتنقّل بـ”بكم/ يعني بيك اب” يزيد عمره على العشرين سنة، ليفتح صنبوراً هنا، وآخر هناك، ويغلق هنا ويفتح هناك، وحين تُراقبه في عمله تعرف أنّه يستقبل عشرات المكالمات في الدقيقة الواحدة، فالكلّ حوله يحتاجون إلى الماء!
هو وزير مياه الظلّ في منطقة جبلية شاسعة، وهو الذي يدير ذلك كلّه، وصحيح أنّه صار صاحب نفوذ وسلطة لسبب هذا كلّه، ولكنّنا نقول: كان الله في عونه، فهو وحيد بدون مساعدة أحد، ولا أظنّه يطلب النجدة، لأنّها قد تأتي بمسؤولين يتولّون القاء الأوامر، ليظلّ العمل عليه وحده، بسيارته البالية، وعبئه الثقيل، وفي آخر الأمر، فهو الذي سيلام من الناس، وهو الذي سيلام من الوزارة، وهو خبز الشعير الذي يؤكل ويُذمّ.
أتابعه منذ زمن، وأغبطه على متابعة الناس له، ولكنّني لا أحسده على مسيرته اليومية التي تستغرق مساحة ليل ونهار، لتلبية احتياجاتهم من الماء الذي جعل الله سبحانه منه حياة على الأرض، والطريف أنّنا الآن في موسم مطري عامر الخير، ومنطقة أبي محمد الأكثر هطولاً بتقديرات الأرصاد الرسمية وطقس العرب ووزارة الزراعة، ووزارة المياه والري، ولكنّ ما يستطيع ارساله إلى البيوت شحيح، شحيح، لا يكفي لتعبئة متر مياه مكعب، وهكذا هو الأردن،ويبقى أنّنا لا نطالب سوى بصرف “بكم/ بيك اب” جديد له، وربّما تعيين مساعد صغير في زمن تتمّ فيه التعيينات الكبيرة بالواسطة والمحسوبية، ونتمنى ألاّ يكون شقيقاً لواحد من النواب، وللحديث بقية.