خطيئة الحكومة في التعيينات الأخيرة
عمر الرداد
06-02-2019 04:48 PM
وكأنه لم يكن ينقص الدكتور الرزاز ومجلس النواب إلا الوقوع في خطيئة جديدة بتعيين أشقاء نواب في مناصب عليا، تشير الدلائل إلى انهاخطيئة لم تكن لترى النور بدون توافق مسبق بين النواب المعنيين والحكومة، في وقت يدرك فيه النواب والحكومة أن شعبيتهما انحدرت الى مستويات متدنية جدا ،أثبتتها نتائج استطلاعات مراكز دراسات ،من الصعوبة بمكان التشكيك بنتائج استطلاعاتها.
خطيئة الحكومة والنواب المعنيين الأخيرة عززت العديد من "الإشاعات"،التي تجيب على أسئلة كثيرة معلقة حول كيفية الإدارة الحكومية، وسياقات ومرجعيات قرارات التعيين في الوظائف العليا، وحقيقة المجالس ولجان الاختيار لملء شواغر تلك الوظائف،وحتى أسس اختيار الوزراء والمدراء العامين وغيرها من المواقع، والتي أكد النواب والحكومة مجددا أنها تستند لأسس لا علاقة لها بتكافؤ الفرص ولا اعتماد الكفاءة والخبرة معيارا في الاختيار،وان"المصالح والعلاقات القرابية والمناطقية والجهوية" هي الأسس المعتمدة،وان أحاديث التطوير الإداري والعدالة والمساواة، لا تتجاوز أروقة قاعات المؤتمرات والندوات التي تعقد لأجل ذلك، شانها شان الاطاريح والرسائل الجامعية، التي تقدم حلولا لبعض المشكلات في قطاعات التربية والتعليم العالي، والحقول الاجتماعية والاقتصادية،ولا تتجاوز رفوف المكتبات الجامعية.
خطيئة التعيينات الأخيرة، وفي ثلاث محطات مرتبطة بها وهي "موقف جلالة الملك وتوجيهاته، والرد الحكومي،والتفاعل الشعبي مع القضية، أكدت جملة من الحقائق أبرزها:
أولا:ان البرلمان الحقيقي اليوم،هو ما يتم تدوينه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ،ليس من قبل نشطاء يدونون ملاحظاتهم وانتقاداتهم لحساب هذه الجهة او تلك،وإنما بالاتجاهات العامة لمضمون ما يكتب ،في ظل ضعف أداء البرلمان، وتحوله إلى طرف متهم بالكثير من قضايا الفساد الإداري والمالي، وقناعات شعبية بان غالبية أعضاء البرلمان يتواطئون مع الحكومة بتمرير قراراتها مقابل منافع شخصية.
ثانيا:أن جلالة الملك غير بعيد عن نبض الشارع ،وتحديدا ما يتم تدوينه في وسائل التواصل الاجتماعي، وان جلالته وباستجابة لنبض الشارع وجه الحكومة( لان تكون التعيينات على أساس الكفاءة والخبرة،وان يتم التعامل معها بشفافية وعدالة ...... وإعادة النظر بأي تعيين غير مستحق).
ثالثا: الدكتور الرزاز، ورغم تأكيده على الاستجابة للتوجيهات الملكية ، وانه يتحمل جزءا من مسؤولية قرارات التعيين،إلا انه لم يتخذ القرار المأمول بتجميد التعيينات وإعادة النظر فيها على الأقل،بل ذهب بحالة دفاعية عن القرارات،باعتبار ان المأخذ على القرار فقط لكونهم أشقاء لنواب،وربط مستقبل الموقف الحكومي من هذه التعيينات بتقييم أداء المعينين وإخضاعه للمتابعة،وهو ما يعني التمسك بالقرار.
ثنائية التوافق بين المجلس النيابي، بما فيه الكتلة الإسلامية، والحكومة ربما كانت ستكون مقبولة في دولة لا تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة،ولا راي عام متصاعد بمزيد من الوعي الجمعي،ولا انخفاض مستوى الثقة بالحكومات والمجالس النيابية، وان حكومة وبالتعاون مع المجلس النيابي استطاعت تمرير قوانين" الضريبة ،الموازنة، الثقة، والتعيينات" فإنما ترسل رسالة لهذا الرأي العام المتحفز،ولقوى كثيرة تتربص بالحكومة وتتحين الفرص للانقضاض عليها، ستعبر عن مواقفها بالمطالبة برحيل الحكومة، بان أبواب الرابع مفتوحة،حتى وان حراكه هذه المرة أكثر قوة وفاعلية، وحتى لو كانت شعاراته ضد الحكومة ومجلس النواب معا.