ولد رحمه الله عام 1926 بمدينة معان في جنوب الأردن , وجدّه المرحوم حسين باشا كريشان أحد وجهاء معان والجنوب , منحته الدولة العثمانية لقب باشا لقوة شخصيته وتأثيره الكبير على الناس ، ووالده المرحوم محمد حسين باشا الكريشان , أحد وجهاء معان المعروفين , وعمّه محمود باشا كريشان , شيخ عشيرة الكريشان ونائب مدينة معان بالبرلمان لدورات عديدة وطويلة , وأحد شيوخ الجنوب المشهورين .
تلقى الشهيد منصور تعليمه في مدرسة معان الأميرية وأنهى تعليمه عام 1945 .
كان رحمه الله يتحلى بصفات عربية إسلامية أصيلة مثل التواضع والإيثار واحترام الناس وحب مساعدتهم .
له شقيقان هما (عبد الله , وعبد الوهاب رحمهم الله ) , وترك وراءه خمسة من الأبناء هم ( مازن وهو أكبر أولاده وبه كان يكنى , وحسين , ومحمد , وناصر , وأيمن حفظهم الله جميعا وأمد بأعمارهم ) .
التحق رحمه الله بالقوات المسلحة الأردنية عام 1945 برتبة جندي بالكتيبة التاسعة , ثم تم ترفيعه إلى رتبة عريف لنشاطه وحسن أداءه , وفي عام 1950 دخل مدرسة المرشحين وتخرج منها برتبة ملازم والتحق بسلاح اللاسلكي , واشترك مع كتيبته عام 1956 بالقتال ضدّ اللواء المظّلي الصهيوني الذي هاجم الخطوط الأمامية للجبهة في بلدة قلقيلية .
عيّن قائداً لكتيبة الحسين الثانية عام 1965, وكان برتبة رائــد ركن , وكانت كتيبته متواجدة في مدينة القدس عند نشوب حرب حزيران عام 1967 , وهي التى تصدّت ببسالة لهجوم ألوية العدو الصهيوني التى هاجمت القدس , واستطاعت تدمير ثلاثة كتائب للعدو أي لواء مظلي كامل كان بقيادة موردخاي غور , ولم يتمكن العدو من دخول المدينة المقدسة إلا بعد أن قضى على معظم كتيبة الشهيد منصور , ولم يتبقى منها إلا (47) مقاتل من أصل (500) مقاتل, لهذا سميت كتيبتهم ( بأم الشهداء ) ، وروى شاهد عيان أنه رحمه الله كان ينادي بأعلى صوته على جنوده ويحضهم على القتال والصمود والاستبسال قائلا لهم ( اثبت يا عسكري , أرضنا وعرضنا ومقدساتنا تنادينا , ممنوع الانسحاب , قاتلوا العدو الغاشم ) .
وبعد حرب 67 تمركزت كتيبته في وادي الأردن الشمالي , وكانت قيادتها في منطقة أم قيس الجبلية المطّله على الجولان والحمّة وطبريا وبيسان , وفي يوم 15/2/1968 وقبل معركة الكرامة بأسابيع قليلة , وبينما كان الرائد منصور متواجد مع بعض قواته في المواقع الأمامية للجبهة وعلى بعد أمتار من نهر الأردن , يرصدون تحركات أرتال من قوات العدو الصهيوني ويحدّدون أماكن تجمعها , ويمرّرون المعلومات إلى القيادة بأم قيس , قامت المدفعية الأردنية بإطلاق نيرانها الكثيفة على هذه القوات وأوقعت بهم الخسائر الفادحه , مما أجبر العدو الصهيوني على استخدام سلاحه الجوي , فقامت طائراته بالإغارة على مواقع المدفعية الأردنية وعلى موقع تواجد الرائد منصور بالخطوط الأمامية , وأطلقت صواريخها وقنابلها الكثيفة عليهم , إلا أنه ثبت مع مجموعة من جنوده في مواقعهم الأمامية للجبهه ، وقام بإطلاق النيران من رشاش مضاد للطائرات مثّبت على سيارة عسكرية على الطائرات المغيرة , وقامت الطائرات بالقاء قنابلها الحارقة ( النابالم ) على السيارة التي كان يطلق النار من رشاشها على الطائرات , فأصابتها إصابة مباشرة مما أدى إلى استشهاده مع ستة من جنوده , وعرفـت هـذه المعركــة بمعركـة ( الثماني ساعات ) لأنها استمرت ثماني ساعات متواصلة .
وهكذا نال الرائد الركن منصور كريشان وجنوده شرف الاستشهاد على أرض الرباط والحشد المباركة أرض الأردن الطهور , والتحقوا بزملائهم الذين سبقوهم من شهداء كتيبتهم الذين استشهدوا على أرض القدس الشريف ، والشهداء الذين استشهدوا معه هم :
1- الشهيد العريف محمود عبد القاسم النسور .
2- الجندي أول عوض محمد ابراهيم الجراح .
3- الجندي منير أحمد ابراهيم المصري .
4- الجندي أحمد حسن عبد الرحمن .
5- الجندي محمد عقلة مصطفى عبد الرحمن .
6- الجندي أحمد عبد الله حسين .
وتم تشييع الشهداء من المسجد الحسيني في وسط مدينة عمان واشتركت جموع حاشدة وغفيرة من أبناء الشعب الأردني في مراسم التشييع ضاقت بهم ساحات المسجد الحسيني والطرقات والشوارع المجاورة له .
ونقل جثمان الشهيد الرائد الركن منصور كريشان إلى مسقط رأسه في معان حيث تم دفنه في مقبرة العائلة .
رحم الله المجاهد الشهيد الرائد الركن منصور كريشان وزملاؤه الشهداء , وجزاهم الله خيراً عن ما قدّموا لدينهم وأمتهم ووطنهم , وجعلهم القدوة والأسوة الحسنة لأبنائهم وأحفادهم وذرياتهم , وللأجيال الشابه من أبناء أمتّهم ووطنهم , وعهداً لهم علينا أن لا ننساهم ما حيينا .