الاصرار على دفن مؤسسة البريد!!
م. عدنان السواعير
06-02-2019 01:47 PM
مؤسسة البريد لها خاصية تشترك بها بين كل دول العالم وهو تواجدها في كل الاحياء في المدن الكبرى وفِي كل القرى، هذه الخاصية بنت عليها الدول المتحضرة عناصر وعوامل تطوير البريد نفسه.
صحيح ان البريد واجه وفِي فترة معينة الكثير من الصعوبات وخاصة بعد تطور تقنية التواصل الإلكتروني ومنه المرئي والمسموع وخاصة البريد الإلكتروني، الا ان هذا كان حافزا" للدول المتقدمة لتطوير هذه المؤسسة واستغلال تواجده في اصغر القرى لتقديم افضل خدمات ممكنة وتصل لغالبية السكان.
تم العمل من قبل الحكومات والبريد نفسه وخاصة ان البريد مملوك في معظم الحالات للحكومات، في هذه الدول على تطوير البريد والنهوض به بإرادة حكوماتها في عدة اتجاهات:
اولها في توفير خدمات البريد السريعة لايصال الطرود والوثائق بأسرع وأفضل الطرق لأنه لا يمكن ولا بأي حال من الأحوال الإستغناء عن هذه الخدمات، وذلك مقابل أسعار أغلى من أسعار البريد الاعتيادية وأقل من أسعار شركات النقل العالمي وباعتقادي إننا الدولة الوحيدة في العالم والتي تستخدم في خدماتها السريعة للبريد الداخلي شركات خارجية.
ثانيها في آلية دفع جميع أنواع المستحقات من فواتير وضرائب على المواطنين من خلال البريد، حيث كان المواطنون يدفعون الفواتير سابقاً من خلال البريد ولديهم ثقة بهذه المؤسسة إلا أنه وبقرار حكومي تم تحويل عملية التحصيل لشركة بمساهمة خاصة (كالعادة لتنفيع بعض المتنفذين)، هذه الشركة والتي يتم الدفع حاليا" من خلالها سهل عملها بطريقة مذهلة، لا بل تم منع دفع الفواتير الا من خلال هذه الشركة حيث تم ايجاد نوافذ له في دوائر الترخيص والأراضي ودوائر اخرى ولو قدمت نفس التسهيلات للبريد صاحب الخبرة الأكبر لقدمها باعتقادي بطريقة افضل وبسعر أقل.
ثالثها تقديم الطلبات والتي هي أشبه بموسمية مثل تقديم الطلبات للجامعات او الإسقاطات الضريبية او البيانات المستحقة في موعد ما حيث تزيد من فاعليته.
رابعها وأهم ما قامت به الدول الأوروبية والتي استغلت بحق تواجد البريد وتوغله في معظم القرى وهو انشاء بنك البريد وهذا ما حرصت عليه لتطوير عمل البريد، حيث ان البنوك لا تتواجد في القرى الصغيرة بينما البريد نعم فيتم من خلاله دفع الرواتب والمساعدات وصناديق التنمية، حيث انه في اغلب الأحيان أهالي القرى لا يملكون الحسابات في البنوك ويتوجب عليهم قطع عشرات الكيلومترات في بعض الأحيان لاستلام الراتب، عدا عن الكلف البنكية التي تقع عليهم، في البريد من السهل فتح حسابات ادخار لهؤلاء المواطنين وهذا من شأنه تسهيل حياتهم.
ما من شك ان برنامج كهذا سيصطدم بكثير من اصحاب النفوذ والذين تم تنفيعهم في فترات سابقة من خلال هذه الشركات المختصة بدفع الفواتير وسيصطدم ايضا" بأصحاب البنوك والذين لن يقبلون ان يختص البريد بالحسابات حتى ولو كان ذلك أوفر على الحكومة وعلى المواطنين، ان كان كذلك ولَم نستطع تليين موقف البنوك فإنه من الممكن على الأقل وفِي المرحلة الحالية العمل على ما تبقى مما سبق لتطوير البريد وعدم اغلاقه.
البريد من الممكن ايضا استغلاله ليتم من خلاله دفع العاملات في المنازل او المعلمات في القطاع الخاص وذلك حسب التشريعات والأنظمة التي تم اقرارها في الفترة الاخيرة وبهذا نتجاوز مشكلة الكلفة والتي يشكوا منها الكثيرون.
لست من الناس الذين يعتقدون أن ما يجري هو شيء ممنهج ولذلك فإنني على يقين بأن الحكومة الحالية ستقوم بتصحيح المسار للإتجاه الصحيح.