التربية الاعلامية وتوجهات الحكومة
د. عدنان سعد الزعبي
06-02-2019 09:13 AM
تسعى الحكومة حاليا وفي برنامج طموح , الدخول في عصر التربية الاعلامية لايمانها بدور الاعلام في بناء وتطوير ومراقبة النهضة الشاملة التي يستقصدها الاردن .
ويتناول هذا البرنامج تطوير المفاهيم الاعلامية وترسيخها لدى افراد المجتمع الاردني بهدف تصويب مفاهيم الممارسات الاعلامية وفق معايير الحرية المسؤولة وبناء المجتمع المسؤول بل والفرد الانساني العالمي المسؤول, الذي يجب الانتقال به من فرد يخوض بإهتمامه المستوى المحلي الى مشارك على المستوى العالمي الذي تطلبته تطورات تكنولوجيا الاتصال الجديد . ولعل مفهوم التربية الاعلامية هو الشعار الذي ستقوم الحكومة بتطبيقه ليكون جزءا اساسيا من بناء النسق الثقافي والفكري والسياسي لدى افراد المجتمع ابتداءا من ابنائنا في المدارس الى الجامعات الى قطاعات المراة والشباب , والمثقفين والمؤسسات التطوعية ومراكز البحث والدراسة ,واستعراض نماذج وتجارب وخطط عالمية , بالتنسيق مع المؤسسات التمويليه الدولية والملحقيات الثقافية للدول المتقدمة . فالاساس الان هو غرس المفاهيم والمهارات الاعلامية وفلسفاتها الديمقراطية التنموية التعليمية التنشيئية في متطلبات العمليات الفكرية التربوية التثقيفية لكل افراد المجتمع الاردني واعتبارها مكون اساسي في مرجعيات المعرفة على مختلف اشكالها وأدوتها. فنحن بأمس الحجة الى تحويل الفكر والمعلومة الى سلوك مبني على الاخلاقيات المهنية, وهذا يعتبر السلاح الاكثرتأثير في مواجهة سوق الاشاعة والتضليل الفكري وممارسات الطابور الخامس الذي يقف خلفها ويحاول زرع مبدأ الغربة والتشكيك ليمرر مصالحة إن التربية الاعلامية تركز على بناء علاقة الثقة بين عناصر العملية الاتصالية مستخدة الاس التربوية وادواتها لتحقيق ذلك .
إن بناء مجتمعنا يحتاج الى قيم وثوابت ونماذج والى ادوات فعالة لترسيخها , حيث تقوم برامج التربية الاعلامية بهذا الدور , وكل ما هو مطلوب من الحكومة لتحقيقه مجرد فتح الابواب الموصودة وخلق تفاعل بين قطاعي التربية والاعلام بحيث ترسخ المفاهيم السامية للإعلام في مبادىء وإتجاهات البرامج التربوية ا وخاصة كجزء من مناهج الطلبة وللمراحل كافة إضافة لاعادة النظر بالمناهج الجامعية والتركيز على الاعلام الوطني واقعه وتحدياته واساليب النهوض به وفق منهجية اخلاقية مهنية تأخذ بالاعتبار مبادىء الرؤية الملكية للاعلام التي تمثل النهوض بالواقع ودمجه بالتوجهات العالمية القائمة على التفاعل والانفتاح وحقووق الانسان والانصهار والتقارب الديني والحضاري بين الشعوب . وهذا بدوره يحتاج الى وضع مصفوفة تمثل دراسة وتحليل محتوى المضامين الموجه لأفراد المجتمع ودراستهاوتحليلها للتعرف على مقاصدها ومصادرها واهدافهم, ومن ثم وضع برنامج عملي لتطويرها و تصويب الضعيف منها . فللتربية معنا خاصا في كل مجتمع , وأن مفاهيمها لا تكون واحدة داخل القطر الواحد. فالمناطق الريفية مثلا تحتاج الى نوع من التربية يختلف عن ذلك الذي يلائم المناطق المزدحمة خاصة ونحن نتحدث عن طبيعة العمل التربوي الذي ينصب على تنشئة الانسان وتكوينه ، ويقوم به الانسان نفسه, التربية الاعلامية : علم وظيفته البحث في أسس التنمية البشرية وعواملها وأهدافها الكبرى وتقوم على التنمية و التَهْذِيبُ وَالَتعْلِيمُ وَالتنشئة الشاملة والتثقيف والتغذية الفكرية, وتعزيز قيم الاخلاق والعقل . وتكوين المواطن الصالح, أي تكوين الشخص الذي يمتثل الاوامر والنواهي والقوانين في المجتمع من محض ارادته لاحداث النمو المتوازن: 1- للفرد من النواحي الجسدية والعقلية والانفعالية والخلقية. 2- والمجتمع من النواحي الاخلاقية والسلوكية والتنموية والعدل والمساوه, وتكافؤء الفرص والاداء القانوني ذات الرقابة الذاتية..الخ 0
فنحن بأمس الحاجة للتربية الاعلامية بإعتبارها تغذية وتنمية وتلقين وتوعية الجمهور بمختلف فئاته ومشاربه بالمفاهيم والسياسات الاعلامية وادوارها والطرق المثلى لاستخدامها , وارتباط ذلك بالنهوض في المجتمعات من خلال ترسيخها في اولويات الفرد الاردني وأهم اهتماماته وخاصة بما يتعلق بهوية الأمّة وتأصيلها، والمحافظة على قيم المجتمع الأصيلة، وعاداته الإيجابيّة،وتعزيز مفهوم رسالة الأمّة، ودورها الحضاريّ بين الأمم والشعوب.. وقيام الإعلام بدوره المسؤول والأمين والداعم لمؤسّسات التربية المختلفة في المجتمع بتحقّق عنصر التواصل الايجابيّ بين عناصر ومقوّمات العمل الاعلاميّ، وهي: المرسل، والرسالة، والمستقبل، بحيث تتخلص من تناقضاتٍ وممارسات تفقدها قيمتها وجوهرها.
لقدعرف مؤتمر فيينا 1999 التربية الاعلامية بانها التعامل مع جميع وسائل الاعلام الاتصالي من صور متحركة وثابته وكلمات ورسوم، التي تقدمها تقنيات المعلومات والاتصالات المختلفة ، وتمكين الافراد من فهم الرسائل الاعلامية وانتاجها واختيار الوسائل المناسبة للتعبير عن رسائلهم المناسبة. اما مؤتمر التربية الإعلامية للشباب (2002م، 2) فيعرفها بأنها «التعرف على مصادر المحتوى الإعلامي وأهدافه السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية والسياق الذي يرد، ويشمل التحليل النقدي للمواد الاعلامية، وهناك من عرفها بانها :اعداد الاعلاميين لاداء العملية التربوية، اذ لا يكفي ان يتقن الاعلاميون مهارات العمل الاعلامي، دون ان تتسق مع قيم واهداف المجتمع، ، والتاكيد على دور ووظائف المؤسسات الاعلامية والتربوية , كإعلام متوازن , وسلوك تربوي رشيد لتأمين حاجات الافراد وهذا التأثير يتطلب من الإعلاميين، توظيف العملية الإعلامية لصالح العملية التربويةوبنفس الوقت توظيف العملية التربوية لتحقيق الاهداف الاعلامية ، ولهذا فيمكن الوصول لتعريف جامع يتناول التفاعل ما بين الفرد ومضامين الاعلام لمعرفة فلسفتها وغايتها مهاراتها والتعلم منها لحماية النسق الثقافي والفكري والاجتماعي وانظمة المجتمع وفق فلسفة الاخلاق الاعلامية والمهنية والاهداف التنموية و التعليمية ومصالح الدولة العليا .، فالمربي يريد من الطالب والطالبة ان يكتسبا المعلومة، والاعلامي يرصد اثر هذه المعلومة، في البناء المعرفي للمتلقي، ليبني عليها قراراته، ويقوم بأنماط سلوكية اما الغاية الثانية فهي تعليم افراد المجتمع مفهوم الديمقراطية والتعبير عن الاتجاهات ومعنى وفلسفة الحرية و كيف يكوّنون مهاراتهم الاعلامية( الاتصال، والكتابة، والتحدث، والقراءة، والاستماع واستخدام التقنية الحديثة، وكيفية انتاج الرسائل الاعلامية وتشكيلها، ومعرفة التنظيم داخل المؤسسات الاعلامية. وفق فلسفة المهنية واخلاقياتها .يتفاعلون مع السياق الاجتماعي والثقافي ومراقبته وتصويب انخرافاته و وهذا يتطلب وحدة الاتجاه بين الاعلاميين والتربوي ونموالتفاعل مع الانظمة الاجتماعية .موضوع دقيق وكبير ويحتاج الى الاعداد المتقن والشامل والخبرة في مجال الاعلام والتوعية . وهنا يكمن الامل بنفيذ ذلك على اعتبار أن الرؤية الملكية للغعلام تعتبر منهجا اعلاميا سيحقق الاهداف الشاملة الاعلامية .