نحن اليوم في بحر أسبوع الوئام بين الأديان، وهي مبادرة أطلقها الملك عبدالله الثاني إبن الحسين في أواخر شهر أيلول عام 2010 من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي غضون أسابيع تم تبني المبادرة من قبل الجمعية عينها، وإعتبار الأسبوع الأول من شهر شباط من كل عام أسبوع الوئام بين الأديان.
المبادرة تنطلق من "كلمة سواء" بثلاث لغات إن جاز التعبير، ألا وهي: حب الله، وحب الجار، وحب الخير.
ولأن الحياة تحيا بالمعاملة بين الإنسان وجاره، ولأن "الدين المعاملة" كما ورد في حديث المصطفى أو كما قال، ولأنني ولدت مسيحيا، أتساءل: من أنا في نظر جاري المسلم؟ وعلى أي أساس يتعامل معي؟ وكيف ينظر إلي؟
هل يتعامل جاري المسلم معي بصفتي نصراني "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجِدن أَقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إِنا نصارى ذلك بِأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبِرون" (المائدة: 82)؟ أم بصفتي مشرك "وقالت اليهود عزير الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بِأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون. اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَربابا من دون الله والمسِيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إِلا هو سبحانه عما يشركون" (التوبة: 30-31)؟ أم بصفتي كافر "لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم" (المائدة: 72)؟ أم بصفتي كتابي من أهل الكتاب "من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسعون في الخيرات وأولئك من الصالحين" (آل عمران: 113)؟ أم بصفتي مسيحي؟
ومتى حصلت على الجواب الشافي، تصبح لغة المسلم معروفة لدي، فأدرك تفكيره، لأن التفكير يجري بمجرى اللغة، فأبدأ بتعلم لغته حتى يتسنى لي العيش المشترك معه بسلام ووئام.
لكن، قد يجيبني مسلم: أنت مشرك، ولربما يكون مصيبا وفقا للقرآن، ولربما لا يكون مصيبا وفقا للقرآن أيضا، وما أدراني؟ وهذا ما ينطبق على من قد يجيبني بأني كافر، أو من قد يقول لي بأني نصراني أو مسيحي أو كتابي.
لعلني لا أغالي إذا قلت لكم أن كل إجابة من الإجابات سالفة الذكر صائبة بحسب القرآن؛ فالقرآن حمال أوجه كما قال الإمام علي -كرم الله وجهه- كما يقول السنة، و -عليه السلام- كما يقول الشيعة.
ولتجدني لا أستغرب فرح أي مسلم إذ يجيبني بأي من الإجابات أعلاه، كيف لا "وكل حزب بما لديهم فرحون".
وعليه، يبدو أنني مضطر إما لتعلم خمس لغات، أو اتباع قاعدة بوذا الذهبية حينما قال قبل إبن مريم بمئات السنين: وبمثل ما تريدون أن يعاملوكم الناس، عاملوهم.
فهذه القاعدة برأيي هي روح السلام الذي تنشده ذاتي في العيش المشترك بوئام وسلام مع أي كان من الجيران المسلمين، بغض النظر عمن أنا في القرآن.