في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018حصلت أكثر من ثلثي الدول على درجة تقل عن 50 نقطة، 20 دولة فقط حققت تقدما منذ عام عام 2013 من بينها الأردن وتراجعت 16 دولة من بينها يتخذها بعضنا مثلا أعلى .
الأردن تقدم في المؤشر لكن ذلك لم يشفع لجهود بذلت لإحراز التقدم وعوضا عن ذلك زادت وتيرة جلد الذات , ووصلت الأمور إلى حد تشويه صورة البلد ودمغها ظلماً بالفساد والصورة التي برعنا في تقديمها للعالم هي أننا دولة غارقة في الفساد .
ما معنى أن يتم تسويق البلد بأنه فاسد , بلا كوابح ولا تفريق ولا تمييز لأن هناك من يريد له أن يكون كذلك ولأن هناك من المسؤولين من لا يرغب في أن يمشي بعكس التيار وإلا ما معنى أن يتم في كل مرة يحرز فيها الإصلاح تقدما , الدفع, في الحراكات وفي الإعتصامات , ب" كلاشيه " الفساد لمجرد حصد شعبية أو إنعاش شعبية تخفت والثمن إشاعة الفوضى الإقتصادية والتشكيك في سمعة وكفاءة الإدارة العامة ونفور الإستثمار وهروبه .
مكافحة الفساد أولوية , لكن الإقتصاد أول الهموم وأهمها , قضية إثنتان أو ثلاثة وحتى لو تم تجفيف منابع الفساد وزج الفاسدين الذين يصفهم الرأي العام دون أن يذكرهم في السجون , هذا لا يغني عن إتمام برنامج الإصلاح المالي والإقتصادي المطلوب حتى تستقر السفينة , والأمن والأمان الذي يتمتع به الأردن لن يكون بوسعه الصمود ما لم يكن الإستقرار المالي والإقتصادي قائم .
الفساد موجود حتى في الدول الأوروبية لكن تكبير حجمه يعود إلى الإحباط والوضع الاقتصادي السيء وهو ما ظهر بوضوح في إستطلاعات الرأي حتى في أكثر الدول تقدما وشفافية فالمواطن الذي يعاني أينما كان يجد في الفساد سببا لمعاناته فمعظم الناجحين فاسدين ، وكل الأغنياء لصوص وهكذا.
الفساد له جذور من الحقيقة لكنه ليس سلاحا يرفع كلما أرادت الحكومة أن تخطو خطوة واحدة في الإصلاحات الإقتصادية والمالية لمعالجة عجز الموازنة وضبط المديونية وما يجعل من هذا السلاح نافذا هو أن تقابله الحكومة بضعف الحجة .
الأردن بالمركز 58 عالمياً في المؤشر وهذا ليس مقبولا لكنه بموازاة دول كبيرة يتخذ بعضنا منها نموذجا هو الأفضل .
الوقوف بصلابة ضد الفساد الحقيقي لا ينجح في ظل إطلاق الاتهامات العامة دون تميز وإلا فالانطباعات واغتيال الشخصية ستبقى سيدة الموقف .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي