كثيرا ما يثار جدل على منصات التواصل الإجتماعي، وفي بعض المواقع الإخبارية والمجالس الخاصة، يتناولون فيه الحديث عن قرب إنتهاء معاهدة لوزان المبرمة ما بين تركيا ودول الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى في لوزان بسويسرا عام 1923، هذه المعاهدة أنهت رسميا سيادة الدولة العثمانية على كل من قبرص وبلاد الشام والعراق ومصر والسودان، وفتحت الطريق أمام تنظيم استخدام المضائق المائية في البسفور والدردنيل، وهي التي وضعت حدود دولة تركيا المعاصرة.
مع حلول عام 2023، يكون قد مضى على إبرام معاهدة لوزان مئة عام، لذلك يعتقد البعض أن تركيا سوف تتخلص من آثار هذه المعاهدة التي بموجبها تم تحديد حدود الدولة التركية المعاصرة، وستصبح أكبر مما هي عليه الآن وتتمدد وتعيد رسم حدودها من جديد، بحيث تضم الموصل في العراق وشمال سوريا، بالإضافة إلى أجزاء من بحر إيجة شمال اليونان.
رغم وجود معارضة كبيرة لهذا الرأي داخل وخارج تركيا، إلا أن هناك مجموعة من النخب والمؤسسات التركية تؤيد ذلك، وتطالب بتمدد الدولة التركية، واستعادة مناطق كانت تحت السيادة العثمانية في الماضي، في إطار توسيع الحدود الجغرافية للدولة التركية.
هذا الرأي باطل ولا أساس له من الصحة، وبعيد كل البعد عن الصواب... والحقيقة التي لا جدال فيها أنه لا يوجد معاهدة دولية ترتبط بجدول زمني محدد، وليس هناك اتفاقية دولية تمتد لوقت محدد.. فالمعاهدة التي تحمل الصفة الدولية لرسم الحدود بين الدول لا تخضع لوقت زمني محدد.
لا يمكن ترسيم حدود بين دولتين أو أكثر بموجب معاهدة دولية، ثم تسقط تلك الحدود بمجرد أن مضى على سريان المعاهدة مدة زمنية محددة، علينا أن نفرق ما بين دولة تستأجر قاعدة عسكرية، أو تستثمر منطقة أو مساحة معينة لإقامة المشاريع عليها، وما بين معاهدة دولية موقعة من قبل مجموعة من الدول ترسم الحدود فيما بينها.
هذه النوعية من المعاهدات لا ترتبط بجدول زمني محدد، ولا تسقط في موعد زمني، ولا تنتهي بمجرد بلوغ المدى الزمني.. لذا فإن كل ما يشاع من أراء حول سقوط معاهدة لوزان بعد عام 2023 هو عبارة عن ركاكة في الرأي وهراء وهذيان، وهو رأي لا يستند إلى العلم، ولا علاقة له في القانون الدولي أو المعاهدات الدولية.
يمكن تفسيرالمطالبة التركية إعادة النظر في معاهدة لوزان، بالرغبة في التمدد والتوسع التركي، لا سيما مع اكتشاف الغاز في شرق البحر المتوسط، لأن منطقة بحر إيجه أو الحدود ما بين تركيا واليونان وسوريا وصولا إلى مصر أصبحت غنية بحقول الغاز، وتبشر بحقول كبيرة مستقبلا، وبالتالي بدأت تظهر ملامح صراع جديد على حقول الغاز... إذا الحلم التركي بسقوط معاهدة لوزان لا ينحصر في المزاعم التاريخية، إنما وجود الغاز في شرق المتوسط كان سببا في إنعاش الأحلام التركية لتوسيع حدودها.
المسألة العلمية التي ينبغي تأكيدها هي أنه لا يوجد معاهدة دولية، أو إتفاقية ترسيم حدود تنتهي أو تسقط بعد مرور عام واحد أو مئة عام... لا يوجد أي وضع قانوني جديد لعام 2023 نتيجة مرور مئة عام على معاهدة 1923.
الرأي