مارسوا النزاهة يصدقكم الناس
سميح المعايطة
13-08-2009 08:21 AM
رغم كل العداء الذي نحمله لكيان الاحتلال الصهيوني الا اننا لا نملك الا ان نغار منهم ونحن نقرأ ما قرأه الكثيرون عن استقالة قائد كبير في الجيش الصهيوني لانه كذب في تحقيق متعلق بحادث سير عادي ارتكبته زوجته في سيارته المخصصة له من الجيش وادعى انه كان الى جانب زوجته في السيارة وقت الحادث وثبت بعد ذلك انه لم يكن معها وانها استعملت سيارته الوظيفية.
ولعل الصهاينة لانسمع منهم خطابات عن النزاهة ومحاسبة الفاسدين والمقصرين، لكننا نسمع اخبارا مستمرة عن تحقيقات تجرى مع وزير الخارجية ليبرمان بتهم تتعلق بالفساد، ونسمع الحكاية الاخيرة واستقالة المسؤول العسكري الكبير لسبب لو تم في بلادنا لضحكنا من المسؤول واعتبرناه مسؤولا ضعيفا؛ فالزوجة لو استعملت كل سيارات الوزارة وخصصت لها مرافق ينتظرها وهي في الكوافير ولو انها تسببت في تدمير سيارة الحكومة لخرجت التقارير حسنة الكتابة وقيل ان التأمين يصلح.
ولو ان مسؤولا في بلادنا استقال لسبب مثل هذا للاحقته السخرية، فهناك من تلاحق بعض عائلته تهم استغلال موقع رب العائلة ولا يجد الناس نفيا ولا تحقيقا وتمر كل الاخبار بهدوء ويمضي كل شخص بمنفعة حصل عليها من مال الدولة.
ليست القضية سيارة رسمية تقودها زوجة مسؤول بل هنالك الكثير من الامور الكبيرة التي تحدث ولا يفكر صاحبها ليس بالاستقالة بل حتى بالاعتذار. وهنالك تقارير نيابية حققت وادانت وزيرا ومسؤولا كبيرا على خلفية تلوث مياه زي وذهب التقرير الى الادراج. وهنالك اشخاص تلاحقهم القصص والحكايات لكن كل كلام الناس لا يجد اذنا صاغية حتى وان كان صحيحا. وهنالك من تتعاقب الشكاوى من ادارته لموقعه لكن كل هذا الضعف لايحرك ساكنا. واحيانا يتم التبرير ان الدولة يجب ان لا تأخذ قراراتها تحت ضغط الرأي العام، لكن اصحاب هذا النهج ينسون ان تراكم الحكايات ينقل الاتهام من الاشخاص الى المواقع.
الدول الديمقراطية التي تمارس الشفافية تعاقب المسؤول عند أي تجاوز لانها تريد ان تحافظ على نزاهة الموقع ومكانته لدى الناس واحترام المواطن للمواقع المهمة، وليس لان الاخطاء تكون كوارث، ولهذا يدفع الاشخاص ثمن اخطائهم حتى لو كانت صغيرة لكن المواقع وسلطات الدولة تبقى في ذهن المواطن نزيهة ومحترمة، لكن الدول النامية تتستر على الافراد لكنها تلحق ضررا في المواقع والسلطات. لهذا فمرة بعد مرة يتكون رأي عام وانطباع لدى الناس ان المسؤول ليس نزيها وان اصحاب المواقع العادية يتحولون الى اثرياء اذا تولوا مواقع كبيرة. وهكذا تتستر تلك الدول على الاشخاص لكنها تهدر مؤسساتها الكبيرة.
ليس الصهاينة أنموذجا اخلاقيا لنا؛ فهم معيار الاجرام بحق الانسانية، لكنهم يمارسون فيما بينهم انضباطا ونزاهة ادارية ويعمقون انتماء مواطنيهم لكيانهم لانهم يرون حرصا من نظام الدولة على امر صغير وسيارة عامة. لكن في دول ومجتمعات اخرى يمارسون الخطابات وتهديد الفساد واعلان الود مع النزاهة لكن الناس تريد افعالا لا اقوالا؛ ففرق كبير ان تهدد المقصر بالعقاب وبين ان يرى الناس مقصرا يعاقب. وفرق بين ان يصدر التهديد بالمحاسبة بينما يكون لدى المواطن قناعة ان المتحدثين قصروا ومرت اخطاؤهم من دون محاسبة، بل ويضيقون حتى بنقد الاعلام او احاديث الناس. مارسوا النزاهة يصدقكم الناس!