الكاتب فلاح حقيقي..بعد ان يحصد الأحداث والأخبار والأفكار، يبيدرها جميعا في دماغه..ثم يمرر عليها لوح التفكير..حتى يزول فارغ الكلام من جوهره..ولأنه فلاح تقليدي أيضا فلن تسعفه الميكنة في توفير الجهد والوقت سوى عند التعبئة الطباعة ...فإذا لم يحرث الورق بعينيه ويحصد الخبر بيديه و يدرسه بفكره فلن يأكل خبزا نقيا على الاطلاق..
كل يوم يتكوم امامي عشرات الأخبار والأفكار..احضر كربال المهم والأهم ..أهز يدي بحركة دائرية.. فأفصل تبن الحديث عن بره .. أكتب باستمتاع شديد دون ان أنتبه الى حجم امتلاء المقال ، ثم أرسله الى مطحنة النشر ..
في الجريدة، يأخذ الرقيب عينة من فم المقال كما يفعل التجار الكبار، يقلبها بيديه، اذا كان قمحنا لا يتعب الطاحون..مر وصار خبزا صحفيا.. واذا شعروا انه سيرهقهم ويرهق المطحنة ..أحضروا غرابيلهم ذات الثقوب الصغيرة..وبدأوا بفصل المسموح عن الممنوع ..ثم سرب المسموح كلمة كلمة..وحرفا حرفا كي لا تندس كلمة حمراء في صف الكلام الأبيض..ثم في الختام يدلق ما تبقى من محصول اللغة في فم المطبعة ويخرج مقالا صحفيا ناعما لا يشبه الا نفسه...
أحيانا أسأل من قبل المحبين والمتابعين..مقالك هذا اليوم مقطوع حيله ، لماذا؟..فأقول لهم: الأرض هي الأرض..والفلاح هو الفلاح..اسألوا صاحب المطحنة..
***.
بقي أن أقول..انه في الحصاد والفلاحة هناك شوال أبو خط احمر ..بينما في الكتابة والصحافة هناك مقال أبو خط احمر ..وكلاهما ثقيل في رفعه او تنزيله ..
ahmedalzoubi@hotmail.com