عودة القواعد الأمريكيّة إلى العراق
د. زياد الشخانبة
04-02-2019 03:14 AM
جاء الجمهوريون إليها فاسقطوا الدولة وفككوها ومهدوا أرضيتها للتناحر، ووقتها خرج طرفٌ عراقي في مواجهة الوجود الأمريكي الذي تبيّن أنه احتلالٌ وليس تخليصاً للشعب والمنطقة من مخاطر النظام .
ثم جاء الديمقراطيون ليكْمِوا المسيرة، فتركوا العراق في نفقٍ مُظلم وانسحبوا منهُ ليغرق في خللٍ سياسيّ واجتماعيّ وأمني فاسحين المجالَ للصراع الطائفي الذي مهدوا لهُ الطريق، فاحترق العراق واستباحهُ الغرب والشرق حتى أن الماءَ في عروقِ دجلة قد جفّت وهو يُشاهد دماءَ العراقيين تصب في مَجراه .
تحقّق الهدف في العراق وليس هذا فقط، بل عملوا على استغلالهِ طائفياً وتنظيمياً وجغرافياً وتعبوياً نحو تحقيق أهداف أخرى في سوريا وتدميرها.
اليوم نرى الجمهوريين يعودون إلى العراق وسط غرابة بمواقف الأوساط العراقيّة التي ترغب بعودة القواعد الأمريكية لا بل أن بعضها يتوق لهذه العودة لا سيما السنيّة التي قاتلت الجيش الأمريكي بالبداية وتعاملت معه كمحتل، وأيضاً بعض الأوساط الشيعيّة لا سيما العشائر العربية والفقراء والمهمشين الذين يُرحبون اليوم بهذه العودة، وهذا يدلل على حالة الأمرَّين التي عاشها الشعب العراقي في السنوات السابقة جرّاء الصراع الطائفي والمليشيات والفساد والتدخّل بشؤونه، وها هو اليوم يرضى بعودة المخرّب الأول للعراق؛ لفقدان الثقة بالسلطات المحليّة المنشقّة في كل الإتجاهات.
إن عَودة القواعد الأمريكيّة اليوم هي ضمن إجراءات مواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة وضمن المصالح الأمريكية أولاً، وهي تلتقي مع مطالب إسرائيلية وأيضاً مطالب عربيّة تتطلّع لإعادة العراق من حالة الاختطاف الإيرانيّة التي قطعت كامل التبادل التجاري والسياسي مع محيطه العربي الذي يريد إضعاف النفوذ الإيراني، ويحبّذ إعادة العلاقات مع العراق خصوصاً التجارة، على أساس أن الوجود الأمريكي يسهّل عودة هذه العلاقات وقد بدأ بالفعل التحرك التجاري العراقي مع دول الجوار .
أخيراً يبدو أن أمريكا وروسيا قد اتفقتا، فالأولى تعود للسيطرة على العراق وخيراتها دون شريك، والثانية تكون صاحبة الشأن والقرار والوصي على الخيرات السوريّة ودون شريك أيضاً، ويساعد بهذا تحالف امريكي عربي ضد إيران تجري المشاورات حالياً لتشكيله، الأمر الذي يُراد منه من منظور أمريكي بعيد، ترسيخ إتجاه البوصلة نحو إيران التي تعشق النفوذ وليس اسرائيل التي ستبقى (بوصلة الشعوب) متجهة إليها .