بعد تسعة أشهر من العناء والتجاذبات والمماحكات أعلنت قبل أيام تشكيلة الحكومة اللبنانية العتيدة والتى تسبب إعلانها ارتياحاً واسعاً في أوساط الشعب اللبناني الغارق في الأزمات السياسية والحياتية والاقتصادية، وتميزت هذه الحكومة عن غيرها من الحكومات اللبنانية الاخرى بأنها ضمت ولأول مرة 4 وزراء نساء، وبخاصة وزارة الداخلية والبلديات التى تولتها ريا الحسن لتكون اول وزير امراة تتسلم وزارة سيادية بمستوى وزارة الداخلية على المستوى اللبناني والعربي.
غطى توزير ريا الحسن في منصب وزير الداخلية على خبر إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة وغطى على توزير زميلاتها في الحكومة وهن فيوليت الصفدي ومي شدياق وندى بستاني، كما غطى على أزمات لبنان المتراكمة، وبخاصة على أزمة الكهرباء المتوارثة من زمن الحرب الأهلية التى انتهت عام 1989 باتفاق الطائف، وأزمة النفايات والتلوث البيئي الذي تسببت به على مدى العامين المنصرمين.
يعشق اللبنانيون الاستعراض والتباهي ولذا تحول توزير ريا الحسن في الإعلام اللبناني إلى إنجاز بحد ذاته وكثفت الفضائيات اللبنانية من التركيز على قرار التعيين باعتباره فتحا كبيرا في عالم السياسة وحرية المراة ومكانتها رغم ان العراق وعلى سبيل المثال كان الدولة العربية الاولى التى قامت بتوزير امراة وهي نزيهة جودت الدليمي في عام 1959 وشغلت منصب وزير البلديات وكانت قبل ذلك ناشطة سياسية واحد اعضاء الحزب الشيوعي العراقي وساهمت في إصدار قانون الأحوال الشخصية في جمهورية العراق والذي اعتبر وقتذاك من اكثر القوانين تقدما لناحية حقوق المراة بعد الجمهورية التونسية في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة.
وعندما تم تعيين ليلى شرف وزيراً للإعلام كثاني وزير امراة في تاريخ الحكومات الأردنية بعد انعام المفتي، عام 1984 في حكومة احمد عبيدات احدث هذا التعيين جدلا كبيرا في الاوساط الرسمية والشعبية وقتذاك، وسرعان ما تحولت لظاهرة وسابقة بعد ان قدمت استقالتها بعد اقل من عام على توليها المنصب احتجاجا منها على استمرار التدخل الرسمي في العمل الإعلامي وتحديداً في الصحف.
بالعودة إلى (الوزيرة) الحسن فهي تشكل تجربة مهمة من حيث اختبار قدرة المراة اللبنانية او العربية على مواجهة تحديات الامن وبخاصة في بلد مثل لبنان تنتشر فيه تجارة المخدرات والجريمة والاعمال الخارجة عن القانون هذا عدا عن المشكلات الكبرى الناجمة عن اللجوء السوري، ومن المهم التاكيد هنا ان اختيار ريا الحسن لم يات كجزء من تسوية او في اطار عملية المحاصصة المعهودة في لبنان، فاختيار الحسن هو قرار للرئيس سعد الحريري شخصيا الذي تربطه بالسيدة الحسن وعائلتها علاقة مميزة، فالحريري يريد على ما يبدو ان يثبت لخصومه وتحديدا وزيري الداخلية السابقين اشرف ريفي ونهاد المشنوق انه نجح في تسليم الوزارة الخطيرة الى امراة ونجحت في مهمتها.
والسؤال هنا هل سينجح رهان الحريري على ريا الحسن ويهزم بها ريفي والمشنوق ام يفشل ويغلق بذلك الباب امام فرص تسليم هذه الوزارة » الخشنة » للجنس الناعم مرة اخرى في لبنان وربما في الوطن العربي؟؟
Rajatalab5@gmail.com
الرأي