لعنة السياسة تلاحق الرياضة
فهد الخيطان
03-02-2019 12:17 AM
حتى في الریاضة یسقط الإعلام في شرك السیاسة. فوز قطر ببطولة كأس آسیا لكرة القدم أول من أمس، كان مثالا حیا ومفجعا على المستوى الذي بلغھ الاستقطاب والتحیز في وسائل الإعلام على حساب أبسط القواعد المھنیة.
صحف وقنوات تلفزیونیة عریقة تجاھلت على نحو مقصود ومتعمد فوز المنتخب القطري بالبطولة، لا لأن حدثا كبیرا ھز أركان العالم وطغى على نتیجة مباراة ریاضیة، بل لأن الدولة الفائزة بالكأس منبوذة من طرف مالكي تلك الوسائل.
یبدو أن النھایة التي آلت إلیھا تصفیات البطولة لم تكن في حسبان بعض الدول المشاركة، وتفاجأت بصعود المنتخب القطري للدور النھائي، ومن ثم الفوز على منتخب الیابان القوي والعنید والذي سبق لھ الفوز بالبطولة عدة مرات.
لم یعرف إعلام تلك الدول كیف یتصرف مع ھذا الوضع، خاصة وأن المنتخب القطري ھزم منتخبات عربیة كانت مرشحة للمنافسة على النھائي.
لأول مرة تكون خسارة فریق المباراة النھائیة ولیس فوز فریق عربي بالبطولة ھي المانشیت العریض للصحف ونشرات الأخبار. لم یسبق أن تعلمنا في الصحافة ھذا الدرس القیم بقواعد كتابة العناوین وانتاج الأخبار. ھذا علم جدید علینا حقا!
كان الأمل بالریاضة وروحھا الإنسانیة أن تساھم في كسر جلید السیاسة وخلافاتھا بین الدول الشقیقة، خاصة وأن البطولة تقام على أرض دولة خلیجیة وعربیة شقیقة، عرفت دوما بدورھا الریادي في جمع الكلمة ولم شمل العرب.
لكن الأمل تبدد في ھذه البطولة، ووجدت الریاضة نفسھا ضحیة للسیاسة. والمؤسف ھنا أن وسائل الإعلام التي یفترض أنھا تتمتع ولو بھامش بسیط من الحریة، كانت رأس الحربة في التحریض والتجاھل، وقادت بنفسھا حملة تعبئة جماھیریة ضد منتخب شقیق، وشحنت الجماھیر لیبدو الخلاف بین الحكومات وكأنھ حرب بین الشعوب یترجم نفسھ في میادین الإعلام والریاضة.
لا ننكر طغیان السیاسة أحیانا على الأحداث الریاضیة، ونلحظ ذلك في سلوك المشجعین على المدرجات وعلاقة الفریقین على أرضیة الملعب، سواء كان ذلك بین الدول التي یجمعھا تاریخ من الخلافات السیاسیة أو الفرق المتشاحنة في الدوریات الكبرى كفریقي برشلونة وریال مدرید. لكن الإعلام یحاول قدر المستطاع أن ینأى بنفسھ عن الخلافات، أقلھ بما یتعلق بالحقائق الأساسیة، فلا ینكر فوز منتخب أو یتعمد تجاھل وجوده في البطولة، ولایحرض المشجعین للوقوف في صف فریق أجنبي ضد فریق عربي.
الإعلام العربي في لحظتنا الراھنة، یلعب دورا سلبیا في تأجیج الخلافات بین الدول ویكرسھا صراعا بین الشعوب، ویضرب بعرض الحائط القواعد الأساسیة للعمل الصحفي، ویغامر بمصداقیتھ ومھنیتھ وأخلاقیاتھ لحساب أزمات عابرة، قد تنجلي بعد حین، لكن أثرھا السلبي على مكانة الإعلام والإعلامیین تدوم إلى الأبد.
الإعلام الأردني على ھذا الصعید تحدیدا یستحق الإشادة، لأنھ اختار الوقوف في المكان الصحیح، ولم ینحز لطرف ضد الأخر، وتمسك بالقواعد المھنیة التي تحكم عمل وسائل الإعلام، فشھدنا تغطیة متوازنة لمجریات البطولة حتى بعد الخروج المؤسف لمنتخب ”النشامى“.
الغد