سر «الدولارات» التي اغضبت الدولة
ماهر ابو طير
12-08-2009 07:22 AM
فرق كبير بين ان ننتقد بدوافع "وطنية" ما جرى ضد عمال الموانئ ، بل وننتقد الحكومة والدرك بحدة ، على خلفية القسوة غير المبررة ، وبين ان تسعى جهات اجنبية للعبث في الداخل الاردني ، فما يقوله اي "مخلص" امر محتمل ومقبول وحق مشروع ، وما تفعله اي جهة اجنبية يبقى اختراقا بكل المعايير.
هناك سر اكشفه لكم يتعلق بقيام جهة اجنبية عبر واجهة محلية ، بتقديم عرض الى قيادات عمالية في احدى المؤسسات ، قبل ايام ، من اجل تحريضها على اعتصام ، واضراب الاف العمال فيها ، ممن لا يعلمون ما يجري خلف ظهورهم ، والمؤسسة لا علاقة لها بالموانئ ، وقد اتصل شخص ، بقيادات في مجموعة غاضبة ، كانت تنوي اخذ مؤسسة حساسة الى اضراب ، وعرض عليهم تقديم "المال الاخضر" لاستئجار خيم ، وشراء مكبرات صوت ، وطباعة ملصقات ، وتأمين وجبات غداء للمعتصمين ، تحت عنوان الحث على العمل الديموقراطي وابداء الرأي ، وقد رصدت الجهات الرسمية ، هذه الاتصالات ، وجن جنونها ، لان اللعبة تجاوزت "حقوق العمال" الى استغلال الحقوق لغايات غير نظيفة ، والى التدخل في الشأن الداخلي ، والعبث بالبلد ، تحت مبررات مختلفة.
رئيس الحكومة خلال لقاءه مع وزير الداخلية والمحافظين ، قال ان على كل الجهات ان تحتمل النقد ، وان هناك جهات تستغل اي قصة للاساءة الى الاردن ، من اجل تلطيخ صورته ، والبعض فهم كلام رئيس الحكومة بأنه يعترض على الانتقادات المشروعة و"المحلية" بشأن القسوة التي حدثت بخصوص عمال الموانئ ، غير ان الرئيس لا يقصد الانتقادات المحلية من جانب صحفيين ونواب وفعاليات غير متصلة بالخارج ، لكنه يقصد الدعوات من اجل اضراب عام في قطاعات اخرى ، تتم عبر واجهات "تدعي انها اردنية" وتنفذ اجندات خارجية ممولة ، حتى لانخلط بين الاردني الذي يدافع عن حقوق مواطنيه ، وبين من تحركه جهات لها اجندات اخرى.
وزير الداخلية تحدث بصراحة ، حين اتهم منظمات بعينها بدفع مبالغ مالية لقاء كتابة تقارير ضد الاردن ، وكلام الوزير يصل الى حد توجيه تهمة التخابر ، ولم يأت من فراغ ، فكثرة من التقارير التي يتم تفكيسها او ارسالها عبر الايميلات "المشفرة" للخارج ، تصل الى اجهزة اجنبية ، اولا ، ثم يتم تلخيص القليل منها ، ونشره في تقارير علنية ، وليسأل البعض نفسه كيف تحول "مخبرا" دون ان يعرف ، او بمعرفته ، وليسأل عن كم المعلومات الهائل الذي يصدره واين يذهب ، فلا يتم نشر الا خمسة بالمائة منه ، فيما تختفي بقية المعلومات ، والوزير لا يريد بث الرعب في اوساط مؤسسات المجتمع المدني الاردنية النظيفة ، لكنه كالرئيس يريد ان يقول ان هناك فرقا بين من يكتب ويعترض على اي تصرفات رسمية بدوافع وطنية نظيفة ، وبين من يتحرك ويكتب خدمة لاجندات محددة ، فالاول محتمل ومقبول وطبيعي ، والثاني مرفوض بكل المعايير.
لم يسكت رئيس الحكومة ووزير الداخلية كل هذه الفترة ، عن عجز ، وما جرى هو تدفق معلومات جديدة ، خلال الايام الاخيرة ، حول اتصالات تحدث لتفجير قطاعات كبيرة ، بدفع من جهات اجنبية ، آخرها ما كشفته حول دعم مالي لاستئجار خيم وشراء مكبرات ، بتمويل اجنبي ، لضرب قطاع عام يمس كل البلد ، مما جعل الجهات الرسمية ، تجتمع "واحدة موحدة" في وزارة الداخلية لتوصل رسالة الى كل الاطراف الداخلية والخارجية ، غير ان نقطة ضعف الرسالة الاساسية ، هي انها ستجعل اي تحرك عمالي او نقابي متهما بشكل مسبق ، او مشكوكا فيه ، بتهمة التأثر بالخارج ، وعلينا هنا ان نميز بين ما هو اردني وطبيعي وحق مقدس للعامل ، وما هو صناعة اجنبية مسمومة ، حتى لا نأخذ الحابل بالنابل.
انتقدنا الدرك بشدة على قسوته مع عمال الموانئ ، وما زلنا عند رأينا ، ومن الافضل ان نمنح الناس في كل القطاعات حقوقهم ، حتى لا نسمح لاي جهة اجنبية بالعبث في الداخل الاردني ، وحتى لا ندخل في الجدل ، حول ما هو سلوك وطني حقيقي وحق من حقوق العمال وبقية الفعاليات المساندة لهم ، وبين ما هو مصنوع في الخارج وممول ، لغايات ارباك الداخل ، اذ ليس من مصلحتنا في كل الاحوال ان نكتشف اننا نساند لغايات طاهرة ، فيما يستثمرها غيرنا لغايات غير طاهرة ، ولا حل الا بمنح الناس حقوقهم العمالية ، فهو الباب القوي في وجه اي عبث خارجي.
من حق الدولة ان تزأر ضد اي تحرك له ظلال خارجية ، غير ان الاجدى ان نغلق الباب في وجه الخارج ، بانصاف عمالنا وقطاعاتنا ، وعلينا ان نفصل علنا بين الدوافع ، حتى لا يصبح كل تحرك اردني مشبوها ، مع وضع حد لاي واجهات تسعى لتخريب البلد ، بدفع اجنبي.
مع مواطنينا حتى النهاية ، ولا مكان بيننا للانوف الاجنبية ، التي تدس حالها فيما لا يخصها ، اساسا.
mtair@addustour.com.jo