سامحونا .. انهم فوق القانون
فهد الخيطان
12-08-2009 05:58 AM
** موقع الخدمة العامة في الاردن صار يعني التجاوز على القانون والبحث عن المصالح الخاصة
من منا يختلف مع رئيس الوزراء عندما يتحدث عن محاسبة ومساءلة المسؤولين المقصرين في واجباتهم ومن منا لا يشد على يده وهو يطالب الحكام الاداريين بتحسس مشاكل المواطنين في الميدان والحديث معهم عن احتياجاتهم ومطالبهم وزيارتهم »قبل ان يأتوا هم لعرض احتياجاتهم ومطالبهم« كما حصل مع اهالي طيبة الكرك.
لكن هل تنسحب المساءلة والمحاسبة على الجميع كما قال الرئيس? نرجوكم سامحونا في هذه النقطة »المسألة لا تتعلق بالمحافظين والحكام الاداريين. فاخطاؤهم مهما عظمت تظل بسيطة مع المأزق الكبير الذي تمر فيه النخب السياسية الاردنية. لم تصنع حكومة الذهبي هذا المأزق وما هي فيه إلا فصل من فصوله, والضالعون في المأزق الكبير هم من شتى السلطات والطبقات السياسية رؤساء ووزراء ونواب واعيان حاليون وسابقون وطامحون, ومعهم وقبلهم مؤسسات وقوى خفية وظاهرة, لهم قانونهم ودولتهم وعالمهم وهو غير قانون ودولة الناس العاديين.
»لا تنسحب المساءلة والمحاسبة عليهم ابدا. بوسعهم تجاوز القانون من دون سؤال, يعتدون على المال العام ويظلون جالسين على كراسيهم ولا تعرف مكافحة الفساد لهم طريقا.
عندما تبدأ اواصر الدولة بالضعف والتفكك يستمرىء النافذون واصحاب السلطة التجاوز من دون خوف او وجل. موقع الخدمة العامة سواء كان حكوميا او نيابيا صار يعني البحث عن المصالح الخاصة وتجاوز القانون لاجل ذلك.
الخراب بدأ في الاسس السياسية والاخلاقية لنخب الحكم, يكفي هنا ان نتذكر الانتخابات النيابية والبلدية وما جرى فيها والفساد الذي واكب عمليات الخصخصة وسياسة العطايا ونهج افساد الذمم وتصفية الممانعين في مراكز القرار, في مشهد كهذا تصبح الممارسات الشاذة في المسرح السياسي امرا طبيعيا لا تستحق من الدولة وقفة مراجعة حقيقية.
تمر حوادث مثل التهريب في سيارة نائب او الاعتداء على شرطي من طرف نائب آخر مرور الكرام. لم يعد السياسيون يخفون جشعهم بالموارد والمال العام, يمارسون الابتزاز بحق المسؤولين لاعفائهم من الرسوم والضرائب, يضغطون من اجل الاستحواذ على ابار المياه الجوفية. يسطون على عطاءات الاسكان وهم على كراسي النيابة.
في الماضي القريب كان مجرد وجود قريب لوزير في احدى المؤسسات يثير الاسئلة. اليوم عائلات باكملها تتجاور في الحكومات والمؤسسات وتتوزع على الشركات العامة.
نتفهم المرارة التي تبدت في حديث وزير الداخلية نايف القاضي عن دور بعض مؤسسات حقوق الانسان والمرأة لانه محق فيما قال. ففي هذا الميدان ايضا تنشأ مؤسسات عملاقة للفساد المالي والسياسي صار لها سطوة وحضور ليس لانها تدافع حقا عن المرأة والصحافة وحقوق الانسان وانما لانها مسنودة من الخارج وتشعر بضعف مؤسسات الدولة التي صار همها هي الاخرى ارضاء المانحين قبل المواطنين.
نحتاج الى عملية اصلاح شاملة لكنني اشعر بكل يوم انها ابعد من اي وقت مضى.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net