الحملات التي تدار ضد رئيس الوزراء لها أكثر من مصدر، لكن دون أن ننكر أن هناك نقدا مقبولا بحق الرئيس وحكومته، فهو ليس أكبر من النقد، وهو لا يقول أيضا أن أداء حكومته فاق التوقعات، لكننا نتحدث عن الحملات المسيسة من جانب جهات ترى أن بقاء الرئيس الحالي سوف يسبب لها أزمات إضافية.
في المعلومات هنا أن شخصيات عديدة تتواصل فيما بينها من اجل اضعاف الحكومة، ويتم اللجوء إلى وسائل مختلفة، بعضها غير مباشر، إضافة إلى تصيد أخطاء الحكومة التي تبقى واردة مثلها مثل أي حكومة ثانية، إضافة إلى وجود قنوات اتصال خلفية مع بعض من يثيرون عواصف الغضب في الشارع، تحت عناوين مختلفة، بعضها محق، وبعضها الاخر قائمة على التصنيع والمبالغة.
ملفات الفساد التي تعاملت معها الحكومة، سواء ملف السجائر أو مئات الملفات المتعلقة بتقارير ديوان المحاسبة، تؤدي منذ اليوم إلى تأسيس معسكر واسع له امتداده في غير موقع ومكان، يسعى من اجل سقوط الحكومة، بأي طريقة كانت، وهذا يثبت دوما النظرية التي تقول إن الفساد له شبكاته، ولا يعمل بمعزل عن شركاء آخرين، على أسس قد لا تخطر على بال أحد.
مشاكل القطاع الخاص، بحد ذاتها تؤسس لمعسكر متذمر واسع، والقطاع الخاص لديه تحفظات واسعة على الإدارة الاقتصادية والمالية، ولا يمكن التعامي عن هذا القطاع، واعتباره صاحب اجندة، إذ للمفارقة لديهم حساباتهم، التي تؤدي من حيث الضجيج إلى نتيجة واحدة، مفادها أن هناك قطاعا كبيرا متضررا يتوجب الوقوف عند طلباته وأحواله، وهذا يوجب على الحكومة التنبه لهذا القطاع، وما يعانيه والبحث عن حلول مناسبة تصب في المحصلة، في خانة إنعاش هذا القطاع، بما يرتد إيجابا على وضع الناس، خصوصا، مع نسب الفقر والبطالة.
قد تستمع الى فريق يقول لك إن الرئيس سيرحل حال توفر بديل أو وريث مناسب له، وهذا الكلام يعبر عن وهم كبير، لان بقاء الرئيس لا يرتبط بصحة هذا السبب أو عدم صحته، فالورثة متوفرون، لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات على قرار بتغيير الرئيس أو الحكومة.
من جهة ثانية، فإن كل هذا الدعم لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها، إذ أن حماية الحكومة ليست مطلقة أو بلا سقوف، وهناك ملفات مهمة ينتظر تحرك عاجل بشأنها، مثل الملف الاقتصادي الداخلي، وملف الطاقة، وملف النقل، وملف التكنولوجيا، وملفات على صلة بوزارات ودوائر ومؤسسات خدمية، إضافة الى كل المؤسسات التي على صلة بتحصيل الأموال من المواطنين، والطريقة التي تعمل بها، والقصص التي تتسرب حولها، ونحن هنا نتحدث حصرا عن أربع جهات، سبق الحديث عنها، على مستويات عليا.
علينا أن نلاحظ أن هوامش الرئيس تمددت خلال الفترة الأخيرة، عبر زيارته الى تركيا والعراق ومنتدى دافوس، مقابل تراجع جزئي في حركته الداخلية، ربما تحت وطأة كلام كثير يوجه في عمان حول الشعبية وما تعنيه من تصرفات او علاقات او ممارسات، فيما لابد من الاعتراف هنا، ان الحكومة حققت نجاحات في ملفات محددة، واخفقت في ملفات ثانية، ولم تصل بعد الى مرحلة تقييم حساسة، حتى نستشعر ان هناك نتيجة لهذا الامتحان الممتد، فما يزال الوقت مبكرا.
لا مؤشرات على نية لتغيير الرئيس أو الحكومة حتى الآن، غير أن كل هذا يوجب على الحكومة والرئيس التحرك بطريقة أفضل، وعدم الاسترخاء والشعور بالطمأنينة، خصوصا في ظل وجود تقييمات دورية تعيد مراجعة الأداء، وإلى أين وصلت الحكومة بشأن ملفاتها!
الغد