القرآن الكريم كتاب دعوة وهداية وخطاب الدعوة فيه يرتكز في عمومه على آيتين اثنتين: الترغيب والترهيب، وذلك وفاءً للجزاء الذي اعده الله تعالى مخلوقاته يوم القيامة وترسيخا للعدالة والرحمة اللتين يتصف بهما الخالق عز وجل وقد جاء هذا الخطاب خادما لعمل الانسان في الدنيا ومصيره في الاخرة فهو يبين له مجالات العمل وفرص الفوز ويحثه من اجل استثمارها وتوظيفها بأسلوب الترغيب وهو يخوّف الانسان من الانفلات والفجور والوقوع في الخطأ والرذيلة بأسلوب الترهيب.
وتتنوع في القرآن الكريم مقامات الترغيب والترهب فنرى في الترغيب مقام «الرضا» «رضي الله عنهم ورضوا عنه» ومقام الحب «يحبهم الله ويحبونه» ومقام الوعد «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض» ومقام الخشية «انما يخشى الله من عباده العلماء» ومقام البشرى «يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان» ومقام الرجاء «اولئك يرجون رحمة الله» ونرى في الترهيب مقام الوعيد «فذكر بالقرآن من يخاف وعيد» ومقام الويل «ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون» ومقام التهديد «كلا انها لظى» ومقام التذكير بالهلاك «وتلك القرى اهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكم موعدا».
وتأخذ آيات الترغيب في القرآن الكريم مساحات كبرى وفي ذلك دلالة على ان مقصد الدعوة هو «التيسير» والتبشير والترغيب وتحبيب الناس بالدين وتقوية رغبتهم فيه، وعلى هذا الاساس تقررت مقاصد الشريعة «يريد الله ان يخفف عنكم وخُلًقَ الانسان ضعيفا» اما الهدف من الترغيب والترهيب فقد تعددت في القرآن ايضا منها الدعوة الى التوحيد والتحذير من التكبر والشعور بالمسؤولية ومنها الحث على استخدام العقل والدعوة الى البر والزهد والتذكير بعظمة الله وفي ذلك تربية للعقل ولانفعالات الوجدان وتربية للسلوك ايضا.
وقد فصّل المفسرون في اعتماد القرآن على اسلوب الترغيب والترهيب سواء من الناحية البلاغية او الاسلوبية او من ناحية المضمون وغاية هذا الجمع هو «تنشيط عبادة المؤمنين لطاعاته وتثبيط عباده الكافرين عن معاصيه ليكون العبد دائما في مقام؛ رأسه الرضا والمحبة وجناحاه الخشية والرجاء. (الدستور)