تطل علينا اليوم مناسبة رائعة وجميلة وحدث مبارك كبير أثلج صدور الأردنيين في الحادي والثلاثين من كانون الثاني عام (1962) كما أبرد عيني جلالة الملك الباني الحسين رحمه الله، وسمو الاميرة منى امد الله بعمرها ومتعها بالعافية، وهو قدوم مولودهما (الأمير عبد الله) ولم يزل ذلك الميلاد وتلك الفرحة تطل علينا كل عام فتجدد الفرح والانشراح، وتبعث فينا العزم والهمة العالية، والأمل الأكيد، والطموح الكبير في الوصول لأعلى مستويات تحقيق النهضة الشاملة بالأردن والاردنيين بما يكافئ المستويات الدولية والعالمية ويزيد ،وليس ذلك بعصي أو بعيد.
وبهذه المناسبة الكريمة والعزيزة على قلوبنا جميعا، نبارك لسيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني عيد ميلاده البهيج السابع والخمسين، ونلهج بالدعاء للمولى عز وجل ان يديمه ويمد في عمره ويمتعه بالعافية، فهو هبة وهدية الخالق الثمينة، ونذر أبيه المغفور له الملك الحسين للأردن والاردنيين.
وكان المغفور له الحسين طيب الله ثراه (يقصد) ما يقول عندما نذر عبد الله للوطن والأمة، في خطابه الشهير الذي زفه للامة عند مولده ابنه ادامه الله .
والحسين يعني بذلك: أنني أوجبت على نفسي وعلى ابني عبد الله ان يكون في خدمة الأردن والاردنيين، مفرّغا نفسه وجهده لهمْ، بشكل خاص، وللأمتين العربية والإسلامية بشكل عام.
وفعلا فقد كان الابن كأبيه، وكما اراده كبر عبد الله وترعرع، (بيننا) وفي صفوف الجيش وبين إخوته وأخواته، من أبناء الأردنيين وبناتهم، وجلس على الأرض مع العسكر وشاركهم خبزهم الاسمر و(قلاية البندورة) وشايهم الممزوج بالنعنع الجبلي وحبات الزيتون الاربدي والزعتر العجلوني والجبنة البيضاء كقلوبهم جميعا ...وتسامروا وضحكوا معا...
ولم يزل مخلصا لأسرته الأردنية الواحدة، التي نشأ بها جنديا نشميا مميزا في الجيش العربي المصطفوي، تلوح جبينه شمس الصحراء الأردنية، وتعرك بنيته ما تمرينات كتيبة المدرعات الثانية، ويشتد ساعده ويقوى عضده في حمى القوات الخاصة الملكية الأردنية، وهو يقفز في سماء الأردن، مظليا شامخا يحتضن البندقية الهاشمية، ويعتمر الطاقية الحمراء، والزي العسكري المطرز بلون غبار القدس، وخطوط مسير النشامى المتعرج بين جبال ووديان فلسطين.
ويكبر عبد الله الملك الانسان والقائد المفكر والرئيس المحاور والديمقراطي، بيننا اخا وصديقا ورفيق درب وحياة، ، لا تهون نفسه ولا يتضعضع صموده، ويحمل الملك الشهم، عتاد العزيمة وسلاح الثورة العربية الكبرى فلا ينكص ولا يتراجع عن مبادئها، بل يحمل شعارها فوق جبينه الهاشمي، بارا بنذر ابيه محققا لوعده ومنجزا لتطلعاته وآماله، ينافح عن عروبة الامة والمقدسات الإسلامية والمسيحية والتراث القومي الماجد، هيابا رائدا في جميع المحافل واللقاءات الدولية بعزم وتصميم وصلابة كما أراده ابوه، و(زيادة)، نحني لمهابته فرحا وافتخارا ونصفق لحضوره ومواقفه الدولية تأييدا ومباركة.
لقد صدقت وبَررْتَ نذر ووعد ورؤية الحسين الملكية الحصيفة، وقد أقسم عليك ونذرك للأمة، يا ابن أبيك، وصنو ذويك، ومثلك لا يخون العهد والوعد ولا يهون ولا يلين.
فنشهد بانك تعمل بجد وصدق وتسعى بإخلاص لتؤدي أمانة الرسالة وتنفذ القسم في الحفاظ على الدستور وخدمة الامة، صلب القناة غير آبهٍ لناعق أو زاعق ولا غامزٍ أو لامز، ولا متهيبٍ لراصد او متوعد، ولا راضخٍ لمهدد او قاطعٍ أو مانع، مواقفك مشهودة، ومكارمك معدودة، وخصالك محمودة، وما موقفك من ازمة تهويد القدس والمسجد الأقصى عنا ببعيدة ...
ونشهد أن العرش وجاه الملك وسؤدد الجلالة، ما أنستك قصص وحكايات الجنود رفاق الخدمة وذكريات وهموم العسكر وبقية الدنانير التي يحملونها في جيوبهم، في منتصف الشهر، وتحول دون اجازتهم ولقاءهم عوائلهم، كيما يدخلون البيوت ويقابلون ابناءهم بأيدي فارغة.
وما غابت عنك هموم الفلاحين ولقمتهم الممزوجة بعرق الجد والسهر، وتجمد ونشاف أيديهم المماثل لتجمد وموت مزروعاتهم وتلفها، وعدم صمودها امام موجات البرد والصقيع، ولم تنس بسطاء الناس وصغار الموظفين القابضين على جمر الفاقة ومستوري الحال ويتامى ومساكين الوطن.
فطالما كنت تهب أيها الملك الانسان لتخفف عنهم وتسري عن احوالهم بنفسك وتقدم العون بكافة اشكاله المعنوي والمادي، وتأمر جميع حكوماتك بخدمة ورعاية أبناء الوطن كافة، مؤكدا على ان حياة المواطن الأردني خط احمر، ورفاهه غاية كل حكومة وهدف أساسي لكل خططها الاستراتيجية والتنموية.
يحفظك الله أيها الملك البار بابيك والراعي لشعبك والمخلص لامتك، ادعو الله ان يمد في عمرك وحكمك وسدد خطاك على الصراط القويم .