العلاقة مع العراق والأمل برؤية الطحن
د.محمد المومني
31-01-2019 01:29 AM
زیارات مكثفة وتفاھمات مع العراق تحیي الأمل بمرحلة انطلاق للعلاقات الاقتصادیة بین البلدین. الجدید في باكورة التفاعل الأردني العراقي كان زیارة جلالة الملك التاریخیة والتي حظیت بتقدیر رسمي وشعبي كبیر من أھلنا في العراق. الزیارة تأتي تتویجا لسیاسة أردنیة ثاقبة وحكیمة تجاه العراق الشقیق، والانفتاح على جمیع مكوناتھ، والنأي عن أیة انقسامات سیاسیة أو طائفیة عراقیة أكد الملك مرارا أنھا وبال على العراق والإقلیم والإسلام، وأنھ یجب التركیز على ما یجمع البشر والناس من كافة الأدیان فما بالنا بالدین الواحد الذي یحاول الجھلة والانتھازیون تقسیمھ طائفیا لأغراض سیاسیة.
كثیر من ساسة العراق وحكوماتھ صادقو النوایا تجاه الأردن والانفتاح الاقتصادي علیھ، لكن الحقیقة البائنة تشیر إلى أن جل ھذا الملف ما یزال یراوح مكانھ منذ زمن، وكان یخضع لتعقیدات سیاسیة وأحیانا بیروقراطیة فنیة متكررة، ما یوحي بوجود ید خفیة نافذة تحاول وتنجح للآن في إبطاء تطور العلاقات العراقیة الأردنیة. حتى الجھد الأخیر الخیر من زیارات متبادلة لتنفیذیین ما یزال الحدیث یتمحور حول ”مذكرات تفاھم“ و“اتفاقیات إطاریة“ و“تفاھمات“ ما تزال بحاجة لخطوات قبل أن تدخل حیز الإنفاذ. وقد قیل كلام مشابھ لھذه التوافقات مرارا وتكرارا على مدى سنین طویلة لكن النتائج الملموسة كانت محدودة، ما أفقد الحدیث مصداقیتھ.
العراق مر بنكسات سیاسیة وأمنیة عدیدة، وھو یستعید عافیتھ بصعود تدریجي، ولكن معركة استقلالیة القرار ما تزال مستمرة. شعور كثیرین من محبي العراق وشعبھ بكافة أطیافھ وطوائفھ أنھ بات بقراراتھ یخضع لنفوذ كبیر من إیران مس سیادتھ الاقتصادیة والعسكریة، وأثر بشبكة علاقاتھ الإقلیمیة على نحو بات ینظر للعراق أنھ أداة أو ساحة أمامیة لتعزیز النفوذ الإیراني في الإقلیم.
یعرف كثیر من العراقیین ھذه الحقیقة، وبعضھم یجاھد لترسیخ وتعزیز سیادة بلاده ضد أي تدخلات خارجیة، وأردنیا یجب أن نعي أیضا أن العلاقة مع العراق یجب أن تغادر مربع التفاھمات واللقاءات متشابھة المضمون إلى خطوات تنفیذیة ملموسة میدانیا. أما أن نبقى كل بضع سنین نتحدث عن نفس التفاھمات ونفس النوایا فذلك یستوجب حدیثا صریحا ومباشرا مع الأشقاء في العراق على قاعدة التنفیذ وإلا فلا طائل من استمرار الحدیث عن الوعود.
كان الأردن من أكبر الدول التي احتضنت اللجوء العراقي في أزمات العراق المختلفة، وكان من أوائل الدول العربیة التي انفتحت علیھ بعد تغییر النظام لقناعة راسخة وإیمان بالعراق وشعبھ ووحدة التاریخ والمصیر، وقد تم بناء شبكة من العلاقات جعلت الأردن مقصدا لكثیر من ساسة البلد الشقیق على اختلاف مشاربھم. ھذا الرصید الأردني والمصداقیة مع العراق یستحق من الأشقاء ھناك الدفاع عن تفاھماتھم الاقتصادیة مع الأردن، وأن یوقفوا أي محاولات وتدخلات
للحؤول دون ذلك، وأن یعززوا من مصالحھم المشتركة مع الأردن وقیادتھ وشعبھ وقطاعھ الخاص، ففي ذلك خیر للشعبین.
الغد