اليوم يدخل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين عامه السابع والخمسين من عمره المديد بإذن الله ، فكل عام وجلالته والأردن وشعبه النبيل بألف خير ، وتلك مناسبة لها مكانة خاصة عند كثير من الناس لأنها تخلق حالة من الفرحة والسرور ، والتعبير عن محبة المحتفين بالمحتفى بهم بمناسبة أعياد ميلادهم ، إنها فرصة ذات بعد إنساني عاطفي ، تتجاوز المناسبة من حيث هي احتفالية خاصة في نطاق العائلة والأصدقاء ، إلى تجديد المودة والمحبة ضمن الأجواء التي نعرفها في أعياد الميلاد.
واحدة من الصفات التي نصف أنفسنا بها هي " الأسرة الأردنية الواحدة " ومفهوم الأسرة هنا يعني أفراد المجتمع الذين يشدون أزر بعضهم بعضا ، ويشكلون الدرع الحامي لوطنهم ومكتسباتهم ومصالحهم المتبادلة ، ونحن ندرك أبعاد هذا الوصف تشمل القائد والشعب ، والقائد بالطبع هو عميد الأسرة التي ننتمي إليها ، وهو الذي يحافظ على دستور البلاد ويوجه سلطات الدولة ويصون مصالحها الوطنية والإقليمية والدولية .
قد نتحدث عن العديد من المبادرات التي أطلقها جلالة الملك من أجل تحقيق النهضة الشاملة التي نتطلع إليها ، وقد نستعرض المخاطر التي تهدد بلدنا نتيجة الصراعات والحروب التي حاصرتنا من كل جانب ، وكلنا يذكر أن جيشنا المصطفوي وأجهزتنا الأمنية قد حفظتنا من شرور المنظمات الإرهابية، وتلك المعركة الحقيقية قادها الملك بنفسه ، مثلما قاد معركة الدفاع عن صورة الإسلام الحنيف حتى صار رمزا للتصالح بين الديانات والحضارات والثقافات ، كل ذلك يرينا صورة الأب وهو يجاهد في سبيل كرامة وأمن واستقرار أسرته .
ليس كافيا أن يحمي الأب أسرته بشجاعة وحنكة واقتدار لأن ذلك يعبر عن القوة والعزم ، وأفراد الأسرة يهمهم الرحمة والعطف أيضا، يطمئنون لوجود الأب بينهم ، وتلك المعادلة واضحة في عقل وقلب ووجدان الملك ، فقد رأيناه بيننا في هذه الربوع يزور الكبير والصغير ، يتحسس مشاكل وهموم شعبه ، ولم يكن جلوسه على الأرض في بيوت الفقراء والمساكين نوعا من التواضع على أهميته ، بل واجب قطعه على نفسه بأن يفعل كل ما يستطيع خادما لشعبه ، مثلما يفعل كل أب حقيقي تجاه أسرته الصغيرة .
نحن جميعا نعرف أن أكثر شيء يسعد قلبه ليس الاحتفال بعيد ميلاده ببطاقات المعايدة أو الاحتفالات التلقائية التي نقيمها في كل عام ، وإنما بمزيد من العمل والانجاز والتمسك بوطنيتنا الصادقة ، والحفاظ على وحدتنا وتماسكنا ، وثقتنا بأنفسنا ، وبقدراتنا على تحقيق مستقبل أجيالنا الزاهر بإذن الله .
الراي