المجتمع الكردي ذكوري بامتياز ولطالما كان كذلك منذ أن عُرِف في التاريخ. ولكننا نجد في التاريخ الكردي نماذج من النساء وهي تصل إلى أعلى المراتب والقيادة سياسياً قائداً بل وعسكرياً في بعض الأحيان.
ويبدو أن معظم الكتاب الذين كتبوا عن تلك الزعيمات المميزات أثناء حياتهن قد اعتبروهن، في الواقع، ظاهرة كردية بامتياز.
إن الأمثلة المتكررة والمتمثلة في سيادة النساء بحكم حقهن الشخصي أمر مثير للانتباه بحد ذاته ولكنها تثير عدداً من الأسئلة حول طبيعة المجتمع الكردي ومكانة المرأة فيه. إن الكثير من الكتّاب الكرد يفضلون قراءة هذه الحالات على أنها دليل على المكانة المحترمة التي تحظى بها المرأة في مجتمعهم، أو حتى على أنها بقايا من تقليد قديم يقضي بالمساواة بين الجنسين. ويبدو أن أشهر تلك النسوة يتحولن إلى رموز قومية تجسد السمو الأخلاقي للكرد ولكن الهدف الرئيس من المقالة هو، ببساطة وصف الحالات الموثّقة بشكل جيد عن حالات أصبحت فيها النسوة قائدات أو لعبن أدواراً “رجولية” في كردستان.
بعض الكتاب الكرد يشيرون إلى وجود زعيمات قبلية كدليل على وجود مساواة بين الكرد مقارنة بالشعوب الشرق أوسطية. ويزعم بعض القوميين الكرد أن المرأة كانت تتمتع أساساً بحقوق متساوية في المجتمع القبلي الكردي.
وقد نشر موسى عنتر مقال قصيرة بعنوان “مكانة المرأة في التاريخ الكردي” التي شدّد فيه على أنه تقليدياً كانت هناك درجة عالية من المساواة بين الجنسين في المجتمع الكردي.
إن إصرار الكثير من الكتاب الكرد القوميين على الزعم بأن المرأة تتمتع بحقوق متساوية في المجتمع الكردي بالكاد يخفي ما يريدون قوله في الواقع أي أن المرأة لا تحتاج إلى التحرر والاستقلالية.
من الحقيقة بمكان أن بعض النسوة الكرديات قد حققن بعض التأثير غير العادي في المجتمع الكردي ولكن الأغلبية العظمى منهن لم يفعلن أي شيء. ومن الحقيقة القول أيضاً أنه في بعض أجزاء كردستان تتمتع المرأة بحرية التنقل والحركة، وربما أكثر من أي جزء آخر من الشرق الأوسط، ولكن هذا بالتأكيد ليس عرفاً في كل أجزاء كردستان وأن طبيعة ودرجة تلك الحرية تعتمد على المكانة الاجتماعية لعائلاتهن. في كتاب كلاسيكي عن المرأة الكردية في كردستان الجنوبية لاحظ الأنثروبولجي الدنماركي هيني هيرالد هانسن أن النساء في الأوساط الأرستقراطية كن عرضة لـ” نوع من العزلة المطاطية” ولكنهن كن بطريقة أخرى متساويات أو حتى تتفوق على أزواجهن.
في الأوساط الاجتماعية أقل تواضعاً والبيئات الريفية تتمتع النسوة بمزيد من الحرية ولكنهن أقل مساواة بأزواجهن.
إن الحركة القومية الكردية والتغيرات التي شهدها العقد والنصف الأخير من ثورة إيرانية وحروب الخليج والتدمير المتعمد لآلاف القرى الكردية والتهجير والإرهاب كل ذلك كان له تأثيراً دراميا على المجتمع الكردي ولمكانة المرأة داخله من دون شك.
وعلى حد علمي لم يحاول أحد أن يوّثق الطرق المعقدة والمتناقضة لتأثير تلك الأحداث على المرأة. إن دراسة كتلك سوف تكون رائعة.
ولكن في هذا السياق يجدر بنا أن نلاحظ أن عدداً من النساء المميزات يلعبن دوراً ريادياً في الحركة القومية الكردية. لكن، تلك النساء تماماً مثل المجتمع التقليدي الكردي، يشكلن خروجاً عن المألوف واستثناءً على وجه التحديد لأنهن على النقيض من المغلوبات على أمرهن وهن كثر.
إحدى النساء اللائي كان لهن قوة مميزة خلف الكواليس في كردستان العراق خلال فترة الستينات [من القرن العشرين] كانت زوجة الملا مصطفى البرزاني الثانية همايل (أم مسعود البرزاني). نفوذ همايل خاتون لم يكن بسبب زوجها فحسب بل أيضاً كونها ابنة زعيم قبيلة زيباري القوية.
كان الزيباريون أعداء تقليديين للبرزانيين وقد تزوج الملا مصطفى من همايل عندما تم هدنة مع هؤلاء الجيران بعد فترة من العداء. وقد أعطاها مكانة أسرتها نفوذاً حتى على زوجها. وهي، في هذا السياق تندرج ضمن إطار النساء القويات
وصفاً موجزاً للنساء اللواتي حصلن على مكانة عالية عبر التاريخ الكردي واللواتي أصبحن في بعض الحالات قادة سياسيين وعسكريين في مجتمعاتهن.
وقد افترض بعض الكتاب الكرد أن ذلك مؤشر على المساواة في المجتمع الكردي. والمرأة الكردية في العالم لا تختلف عن المرأة في كردستان فجميعهن لهن الاحترام والتقدير والمكانة العالية التي تحظى بها دائماً.