نرفد العالم بمستشفيات و(ميرا) لا تجد سريرا فتموت
د. محمد حيدر محيلان
29-01-2019 02:00 PM
ما زلنا نقدم العون الطبي والإنساني (مجانا) لعدد كبير من المجتمعات المحلية في مناطق مضطربة من العالم، بواسطة مستشفياتنا الميدانية الاردنية العاملة في مناطق مختلفة من العالم، ضمن قوات حفظ السلام الدولية وغيرها، (ونعتز بهذا الموقف النبيل والكريم الجميل) وطالما قدمت كوادرنا الطبية وما زالت تقدم للملايين من مشردي العالم العربي والدولي الخدمة الطبية والعلاجية (مجانا) وتجري العمليات الجراحية بدون مقابل، لوجه الله الكريم، وايما شخص عربي او أجنبي قصد الأردن وأهلها وبالذات ديواننا الملكي العامر طالبا العلاج فلا يرد وهم كثر، وهي مفاخر نرفع رأسنا بها...
بينما نطأطئ رؤوسنا خجلا وألما وقد تلقينا نبأ وفاة الطفلة (ميرا) ذات الثلاث سنوات من جراء تعرضها لحروق تصارعت معها لأيام جراء مداهمة النيران والتهامها منزل ذويها ...وأهلها يستصرخون الجميع املا في نجاتها، طالبين نجدة كوادرنا الطبية العديدة، ولم تجد ميرا العون الطبي ولا الفزعة والنخوة والنجدة الأردنية المعهودة عن النشامى ...
لا اعرف كيف أفسر هذا السلوك المتناقض؟! وكيف نترجمه او نفسره لابي ميرا وعائلتها، الذي اجتمعت عليهم مصائب جفاء ونكران المسؤولين وتقصيرهم في اسعاف ميرا، والتشريد والنار والالم الذي نهك واتلف جسد طفلتهم ثم اسلمت روحها لبارئها وفي نفسها غصة كبيرة وعتب كبير على الاهل والمسؤولين والوطن ...
ميرا الطفلة البريئة هي (اردنية) وتعيش هنا في الأردن وليست خارجه، احترق منزل ذويها (مستوري الحال) الذي كان يستر ويخفي فاقتهم، ويمدهم ببعض الدفء والأمن، الا ان النار كشفت حاجتهم وفضحت امرهم عندما التهمت منزلهم واهلكت طفلتهم "ميرا" وألجأتهم لتوسل العلاج والتامين الصحي الذي يفتقدونه، في محاولة يائسة لإنقاذ فلذة كبدهم...ويهرول والدها ساعيا لإنقاذ طفلته ولا مستشفى يستقبلها...
ولو كانت (ميرا) غير اردنية واستصرختنا لهبت اليها مستشفيات وكوادر طبية مدججة بالمعدات والأدوية لإنقاذها (ولا عيب في ذلك) ولكتبت الصحف ومحطات الاعلام عن نخوتنا ونجدتنا العربية ...فلماذا تخبو نخوتنا إذا استصرخنا أحد أطفال البلد المنكوبين الذين يصارعون الموت ولا مغيث !!
ما نعرفه (ان الكوادر الطبية أبلغت والد الطفلة أن مستشفيين فقط بهما وحدة حروق، هما البشير والمدينة الطبية، أما الأول فرد طلبه لأن لا أسرة لديه، وأما الثاني فطلب ما لا يقدر عليه لعلاجها) وبين هذا وذاك ماتت الطفلة ميرا .... لا أدرى بماذا اعتذر منك يا ميرا ؟!
بحثت عن عذر او مبرر فلم أجد ...غير أني ادعوا الله ان يرحمك ويجعلك من الولدان المخلدون في الجنة، وان يلهم اهلك وذويك الصبر والسلوان.