اطلاق النار بالمناسبات فرحة جاهلية ام استعراضات؟
د. عدنان سعد الزعبي
29-01-2019 01:02 PM
للشعوب والامم ثقافاتها وقيمها وعاداتها , ولكل أمة خصائصها التي تميزها عن بقية الشعوب وتلبسها ثوبا تنفرد بها وتسعى نحو تعزيزه ليكون لها الهوية والقيم الخاصة التي تستطيع ان تنهض بها وتقدمها كمنجز حضاري في مقاربات الخصائص بين الامم . وبمقدار ما تفيد البشرية وتتقدم بقيم ومنافع اضافية بمقدار تحفز التتفاعل وتسرع قطار الشعوب نحو التقارب والنهوض , وخلق مناخات آمنة .
ولكن ماذا سنقدم نحن الاردنيوون ؟ وما هي الخصائص التي ستعزز القيم الاضافية , وهل نستطيع ان نقنع انفسنا والعالم من حولنا اننا نملك ما لا يملكه غيرنا , وان لدينا كنز عظيم من القيم والاخلاقيات لكنا وحتى لحظة الكبيوتر والنت والعجائب ما زلنا نعود للخلف وننتهج سلوكيات لا هي اخلاقية ولا دينية ولا شعبية , انها فعل اجرامي ابسط ما نقول عنه الشروع بالقتل , حيث نعرض اي انسان لان يصاب برصاصة طائش او مختل او ساذج .
ما شعرته من الفيديوهات التي نشرت حول اطلاق الاعيرة النارية بخطبة عروس فقد كان مؤلم مخزي لا يتناسب مع طيف الصواب والكرامة . فالتباهي وطريقة اطلاق الاعيرة والتلاعب بالسلاح مسألة خرجت عن اطار التباهي والافتخار الى مرحلة التخلف والانحدار , فالتطور يعني الرقي وبنفس الوقة المدنية وثقافتها التي تحترم الانسان وتحرص على حياته , كذلك فإن سلوكيات مطلقي النار لا تخرج عن كونها حالة من الاستهتار والفوضى ومخالفة القانون . فليس من الرجولة التلاعب بالسلاح الناري , وليس من الجمال او الخلق او الابداع ان يمسك الرجل رشاشا ويتلاعب به ويطلق النار باستخفاف.
الدولة معنية ان تتعامل مع هذا المشهد بحزم وان تقبض على كل من ظهرت صورته وتصادر الاسلحة وتتخذ العقوبة الاشد , فقد تحمدنا الله عندما بدأت هذه الظاهرة بالزوال لنجد شبابا يعيد رسم ما رفضنا وبكل جرأة . وعلى مجلس النواب والاعيان والنقابات والاحزاب وكل الفعاليات الشعبية والدينية وغيرها ان تشجب وتندد بهذا السلوك وخاصة ممن ينتمي لنفس العائلة وان يتخذوا عقابا اجتماعيا حتى نصل لمستوى ندرك بعدها اننا فعلا مجتمع مدرك وواعي وقانوني . .خير ما فعل الشباب مطلقي العيارات النارية بتسليم انفسهم الى رجال الامن, وادراكهم بان ما قاموا به خطأ ويصنف ضمن اطار الجرائم على المستوى الشخصي والاجتماعي . خير ما فعل هؤلاء الشباب ليكونوا صورة واقعية لكل من يحاول ممارسة نفس السلوك فالنهاية هي الندم والاعتراف بالخطأ , حيث سلم الله الحضور والجيران من مصائب ومصائب كادت ان تحدث . فالهرولة لتسليم انفسهم والاعتراف بخطاهم مسالة تنم عن التزامهم بالصواب ووعي بخطورة ما يفعلون , ومن هنا فان القائمين على الحق العام مطالبون وبجدة بتطبيق احكام القانون لأن الحق العام يجب ان يكون ذات احترام وتقدير عند الجميع وان يترتب على انتهاكه اجراء صارم , بل لنؤكد لانفسنا وللجميع بان لدينا قانون , وبالتالي تجنيبنا كثير من لكوارث والشعور بالخوف عندما ازور مقهى او مكان عام أو نشارك باي مناسبة فرح ..
قضايا وطنية ملحة وسلوكيات غير مرغوبة من البعض وراي عام رافض وبقوة لمثلها يسهل على الحكومة اتخاذ قرارها الصارم لمكافحتها وانهاء هذه الظاهرة السلبية .