يسلط هذا المقال على مبدأ الثقة وأهميته في شخصية الشباب وتطلعاتهم، فالثقة تلعب دورًا مهمًا في نفوس الشباب، ومن هنا ينبغي مراعاتها في تربية الشباب، ورضاهم عن شؤون الحياة.
إن الثقة هي أولى درجات الإتقان والدافعية عند الشباب، فلا يمكن لأحد أن يقدم على فعل شيء ما وهو يجهله أو متردد فيه، فإن فعله فستكون نتائجه ضعيفة، وعلى العكس حين تكون الأمور مفهومة واضحة في أبعادها وغاياتها ووسائلها ستنعكس إيجابًا على ما يقوم به من فعل وعمل.
والثقة مصطلح يدل على علاقة اعتمادية متبادلة بين اثنين, وهي رمز وقيمة أخلاقية وإيفاء بالوعود لا يساور أحدهما شك في نوايا أو أخلاق الشخص الأخر.
وبما أن الثقة كلمة تدل على ما هو مجهول، لأنها لا يمكن التحقق منها في الوقت الحالي، إلا أنه من الممكن رؤية نتائجها في المستقبل من خلال السلوكيات والتصرفات.
ولما كانت الوعود المقطوعة للشباب - على مر العقود الماضية - قائمة على مبدأ الثقة، ولم يتبعها إلا القليل من الوفاء بتلك الوعود، أصبح لدى الشباب أزمة ثقة تشوبها الكثير من الأحداث، منها ما ارتبط بأشخاص بحكم مواقعهم الوظيفية، فزالت وتبخرت بذهابهم من موقع السلطة والمسؤولية، ومنها ما تعهدت به منظومة العمل ولم تستطيع تحقيق المطلوب منها نتيجة لعقبات واجهت القائمين عليها أو لسياسات وقفت عائقًا حقيقيًا أمام الوفاء بالوعد.
الشباب وتوقعاتهم ...
تعتبر توقعات الشباب وحجمها من أكبر المشكلات التي سببت أزمة الثقة بين الشباب ومنظومة العمل المؤسسي والقائمين عليها في الدولة، فالمسؤول الذي تعهد بفعلٍ ما ولم يستطيع تنفيذه لنقص الموارد المالية أو الخدمات اللوجيستية قابلها أزمة ثقة له من الشباب، وشكلت لدى الشباب عدم الرغبة في تجسير العلاقة والتواصل بينهم وبين المسؤول، مما أدى إلى تراكم الإخفاقات، وتعاظم التوقعات مما جعلنا جميعًا نواجه أزمة حقيقية عنوانها انعدام الثقة.
استعادة الثقة والوفاء بالوعود ....
الجميع شركاء في حالة الفوضى التي يعيشها الشباب، نعيش صور جدلية بين الفاعل والمفعول به لتفسير الواقع، فيلقي كل طرف منهما اللوم على الآخر، لتستمر بينهما حالة من حوار السفسطة مستخدمين كل الطاقات الدفاعية لردع الأخر وتحميله المسؤولية، حيث خلقت حالة ذهنية مشوشة لدى المتلقي والمخاطَب.
لكننا اليوم معنيون بإيجاد آلية عمل، نكون كلنا فيها أصحاب الوعد، وأصحاب الوفاء، شباب وحكومة نتشارك بالنهوض من حالة الإغماء، والرجوع لليقظة المطلوبة، ليقوم كل طرف بتحمل أمانة العمل، ورفعة الوطن وتقدمه بإخلاص واجتهاد ومثابرة، كُلنا مسؤولون، وأمام الله محاسبون على أقوالنا وأعمالنا.
أيها الشباب .....
أخاطبكم بصوتكم الصادق، وبقوة عزيمتكم التي لا تلين، لقد طوينا الماضي، وبدأنا معكم، وبكم، ولكم، نرسم ملامح الحاضر، ونخطط لمستقبلٍ مشرق، أنتم عامود الدار، وأنتم الشريان النابض بالحياة، فكلنا نشكل العمق لهذا الوطن بلا استثناء، نشكل صورة العز والكبرياء والعنفوان لتفتخر بها الأجيال، فأنتم أمل الوطن وقوام مستقبله، وأنتم أمل قيادته، وأنتم أمانة في أعناقنا، وغرس أيدينا... ما نزرعه فيكم نجنيه منكم.
حمى الله الأردن ومليكه وعاش الأردن وعاش الشباب .