قانون العفو العام
المحامي د. أحمد محمد العثمان
27-01-2019 11:21 AM
درج الباحثون والمتخصصون على تعريف العفو العام بأنه يمحو الجريمة والعقوبة ، وأما العفو الخاص فهو الذي يمحو العقوبة أو يخفضها ،لكن هذا لا يعتبر تعريفاً لأي من نوعي العفو ، بل هو من باب التمييز بين النتائج المترتبة على كل نوع من أنواع العفو ، أما التعريف فيقصد به تحديد ماهية المعرّف، الأمر الذي يقتضي تعريف كل نوع من أنواع العفو وذلك على النحو الآتي :
العفو العام : هو محو الجريمة والعقوبة ، وهذا يقتضي أن يطال قانون العفو العام كافة الجرائم بلا إستثناء ودون أن يعلق القانون ذلك على أي شرط من الشروط ، من مثل إسقاط الحق الشخصي أو المصالحة أو غير ذلك ، لأن العفو يقتصر على محو الحالة الجرمية والعقوبة وهما ناحيتان متعلقتان بحق الدولة (المجتمع) ولا يطال حق الأفراد أو الأشخاص إلا بالنص على ذلك صراحة ، وشريطة أن تتولى الدولة تعويض المتضرر من جراء ذلك .
أما العفو الخاص : فهو محو عقوبة جرم معين ، أي أنه يقتصر على جرائم معينة ، أو أنـه يقتصر على تخفيض عقوبة لجرائم معينة ، وبالنتيجة فإنه لا يجوز لقانون العفو العام أن يستثني جرائم من نطاقه أو أن يقتصر على تخفيض عقوبة لجريمة معينة أو أن يعلق شمول بعض الجرائم على شروط معينة ، لأن ذلك يحوّله الى عفو خاص بلفظ عام مما يوقع القانون والمشرع في إشكالية دستورية وبيان ذلك على النحو الآتي :
أولاً : من حيث الإختصاص :
إن الجهة المختصة بإصدار العفو العام هو مجلس الأمة والملك ، لأن العفو العام يجب أن يصدر بموجب قانون وذلك بصريح نص المادة (38) من الدستور .
أما العفو الخاص فهو من صلاحيات الملك بموجب ذات المادة من الدستور .
ثانياً : من حيث الآثار :
إن الدستور لم يعرف العفو العام والعفو الخاص وإنما تولى تعريف كل منهما قانون العقوبات لكن اللبس يثور في معرض التمييز بين العفو العام والعفو الخاص من حيث صياغة كل منهما ، فعندما يضع المشرع ضمن قانون العفو العام إستثناء لبعض الجرائم إنما يحوّله بذلك من عفو عام الى عفو خاص وبذلك يخرج من دائرة إختصاص مجلس الأمة مع ما يترتب على ذلك من إشكاليات دستورية .
وقد يقال أنه جرت العادة وفي قوانين العفو العام التي صدرت في السابق إستثناء جرائم معينة من نطاقه ، فأقول أن ذلك لا يجعل ذلك قاعدة نسير عليها بل أن الرجوع عن الخطأ أولى من التمادي فيه، وقد أن أوان التصحيح .
إن كل ما تقدم يقتضي إصدار قانون العفو العام خالياً من الإستثناءات وإلا فإنه ينقلب الى عفو خاص يخرج من ولاية مجلس الأمة وقد يدخله ذلك في باب عدم الدستورية ، لذا ومنعاً لكل هذه الإشكالات فإني أقترح إصدار قانون العفو العام خلواً من اي إستثناءات لأي نوع من الجرائم وهذا يتضمن عدم إقتصار أي نوع من الجرائم على تخفيض العقوبة وعدم تعليق شمول أي جريمة على أي شرط من أي نوع .