الشخانبة يكتب: التنمية وإدارة المؤسسات بالقطعة
د. زياد الشخانبة
26-01-2019 03:27 PM
يُعرف أن القطاع العام هو الاوسع وفيه مئات الآلاف من الموظفين الذي يعملون في عشرات الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تركّز على تسيير شؤون العمل اليومي وبالقطعة دون تفكير خارج الصندوق.
اليوم لا يُخفى أن المسؤول ينخرط طوال الوقت بما يتعلّق بإدارة العمل اليومي فقط ويعدَّهُ إنجازاً يُسخّر جهده فيه بعيداً عن وضع مشروعات تنموية قصيرة أو طويلة الأمد وبحسب جدولٍ زمني.
اليوم مؤسساتنا تُفتح أبوابها صباحاً وهمها القيام بعملٍ روتيني يجب إنجازه نهاية الدوام الشيء الذي أدى إلى ما يلي :
أولاً : عدم إتخاذ قرار والهروب من إتخاذه وبالتالي عدم التفكير بأعمال على المستوى الاستراتيجي.
ثانياً: وجود فجوة بين كم الموظفين وأوقات العمل الطويلة المسخرة فقط لعملٍ يومي هو بالأصل جزءٌ مما هو مطلوب منها.
ثالثاً: لا يوجد مشروع; بمعنى أين هو مشروع وزارة الزراعة مثلاً؟ لا يوجد. فهي لا تعمل على مشروع شراء المنتج من المزارع وبيعه أو استصلاح اراضٍ من خلال كوادرها وزراعتها أو عمل مشروع زراعي في منطقة وادي عربة المليئة جوفياً بالمياه وتربتها خصبة وإنتاج خضروات وفاكهة بالأنظمة التكنولوجية، أو تطوير عمل مركز البحوث لكي يقدّم البذور المحسنة للمزارعين..... الخ
رابعاً: ما ينطبق على وزارة الزراعة هو معمم على الوزارات الأخرى كوزارة الثقافة، ما هو مشروعها؟ لا يوجد.
هناك حاجة لمشروع ثقافي كمشروع المحافظة على التراث أو إنشاء أكاديميات معنية بالإبداع والإبتكار لكنها لا تفعل.
خامساً : ما هو مشروع وزارة التنمية السياسية؟ لا يوجد. نعم هنالك حديث عن تجميع الأحزاب لكن لا يوجد مشروع حزبي يمتد مثلاً حتى عام ٢٠٢٢ وأن نقطف ثمار هذا المشروع ويكون لدينا عدة أحزاب فقط، فالدولة مسؤولة عن انعدام الحياة الحزبية فيها وعليها التدخل لأنها بكل مكوناتها هي المستفيد .
سادساً : ما هو مشروع وزارة التعليم العالي؟ لا يوجد. لماذا لا يكون لديها مشروعاً بتقليص عدد الجامعات التي تُدرّس الطلبة أكاديمياً مقابل تحويل أخرى إلى الدراسة المهنيّة، أين نحن ذاهبون بهذه الكارثة التي يتخرج فيها مئات الآلاف ممن يدرسون تخصصات من غير المهن وكيف أن وزارة كالتعليم العالي صامتة ولا تعمل شيئاً.
سابعاً : ما هي مشاريع المناطق التنموية والمناطق الحرة، بمعنى هل أنها في عملها اليومي تعمل على مشروعات سترى النور في عام كذا،.... أم أن عملها هو ما يتعلق فقط بإجراءات تسيير العمل اليومي.
ثامناً : ما هو مشروع وزارة الأشغال العامة؟ لا يوجد. لماذا لا تعمل على مشروع الجسور والأنفاق وتنفذها وليس أن تطرح كل العطاءات للشركات الخاصة.
تاسعاً : ما هو مشروع وزارة الصناعة والتجارة؟ لا يوجد. لماذا لا يكون لها أسواقاً خاصة وتبيع المواطنين بأسعار قليلة لأنها ليست كالتاجر الذي يسعى للربح المضاعف. وتجربة المؤسسة المدنية حالياً تحتاج إلى إعادة النظر لأنها لا تقدّم السلعة للمواطن بأسعار تفضيليّة بحسب الهدف الذي أُنشئت لأجله هذه المؤسسة .
ما سبق يُعمم على كل مؤسسة، والمحزن أن مؤسسات حكومية تكلّف الدولة كثيراً وبذات الوقت قاعدة العمل فيها هو فقط تسيير العمل اليومي دون إيجاد مشاريع طويلة الأمد وهذا سر توقّف التنمية والتراجع الذي نشهده في كثيرٍ من قطاعات الدولة .