التنمية بالفزعة .. الطيبة نموذجا
فهد الخيطان
09-08-2009 03:15 AM
*** الحكومات لا تتحرك إلا اذا احتج الناس أو وقعت لهم مصيبة
لم يحلم اهالي الطيبة بكل هذا الاهتمام الرسمي والحفاوة الحكومية. الاسبوع الماضي كان وزراء ومسؤولون في الدولة يتسابقون على زيارة البلدة ويشرفون بانفسهم على ورش العمل لصيانة خطوط المياه وتعبيد الشوارع والاعلان عن مشاريع تنموية واعدة. وبالأمس قام رئيس الوزراء شخصيا بزيارة »طيبة« الكرك وفاء لوعد قطعه لوجهاء البلدة.
هذا الاهتمام حدث بعدما توجه العشرات من ممثلي البلدة الغاضبين الى رئاسة الوزراء قبل اسبوعين يشتكون من انقطاع المياه الطويل وسوء الخدمات في منطقتهم.
في الاردن لا تتحرك ماكينة الدولة إلا في حالتين: عندما تقع كارثة في منطقة من المناطق وحين يرفع الناس صوتهم في وجه المسؤولين ويداهموهم في مكاتبهم وهذا ما فعله اهالي الطيبة.
نذكر جميعا الاهتمام الذي حظيت به منشية بني حسن بعد اصابة اكثر من الف من سكانها جراء تلوث المياه, ففي غضون اسابيع قليلة طُرحت العطاءات لتجديد شبكة المياه وحرص اكثر من مسؤول على زيارة البلدة ومعاينة واقعها من دون ان ينسى زيارة المصابين في المستشفيات والتقاط الصور معهم.
ولقيت محافظات الجنوب والطفيلة على وجه الخصوص عناية حكومية فائقة بعدما عانى سكانها لايام بسبب عاصفة ثلجية كشفت نقصا فظيعا في التجهيزات والآليات والبنية التحتية. واتخذت الحكومة على إثرها سلسلة من القرارات العاجلة لتزويد المنطقة باحتياجاتها من الآليات, وتلا ذلك تشكيل لجنة تحقيق اوصت بعزل مسؤولين ومحاسبة آخرين وقد تم ذلك بالفعل.
هناك امثلة عديدة وحالات مشابهة بعضها جماعي وبعضها الآخر فردي دفعت الحكومات والاجهزة الرسمية الى التحرك تحت وقع الكارثة او الضغط الشعبي, لكن التحرك في كل الاحوال اتخذ طابع الفزعة وكرس انطباعا عاما لدى الناس بأن من لا يرفع صوته لن يحصل على حقه في التنمية والخدمات, واذا صمت عليه انتظار الكارثة كي يلتفت إليه المسؤولون.
لماذا لا نكتشف شبكات المياه المهترئة او الآليات المعطلة الا عندما تقع مشكلة?
في الموازنة السنوية نقرأ عن مخصصات مرصودة للنفقات الرأسمالية وعن مشاريع تربوية وصحية ومائية وغيرها في كل القطاعات فهل يغيب عن حسابات المخططين الاولويات الاكثر الحاحا أم ان تزايد الطلب على الخدمات يفوق ما هو متوفر من مخصصات.
شح الموارد المالية امر لا نناقش فيه, لكن غياب الادارة الحكيمة والرشيدة والقليل المتوفر يساهم بلا شك في تلبية الحد المعقول من حاجات الناس. وإلا كيف للحكومة ان تنفق على مشاريع في الطيبة بهذه السرعة اذا ترصد لها مخصصات في الموازنة?0
fahed.khitan@alarabalyawm.net