لیس معقولا ما یحصل. ھذه ”الفزعة العشائریة“ مع كل شخص یتم توقیفه في قضیة فساد لا تحدث لأول مرة، ولن أعید التذكیر بالمناسبات السابقة التي شھدت فزعات عشائریة واجتماعات تداولیة وبیانات تدافع عن ابن العشیرة البار الذي یتعرض للظلم ولمؤامرة للاطاحة بھ ..الخ . ھا ھي الظاھرة تتكرر في كل مرة یكون المعني ممن استلموا مناصب عامة مھمة، وھو أمر لیس جیدا أبدا لا بحق العشیرة ولا یلیق بالأردن والأردنیین.
المتھم بريء حتى تثبت ادانتھ وحین یصدر قرار الاتھام من جھة قضائیة فحقوق المتھم تتابع من خلال المحامین ، ومن نافل القول أن التھمة لو ثبتت فھي لا تضیر أحدا آخر غیر الشخص المعني، ولا تؤثر على وضع وسمعة أي شخص آخر من محیط المتھم وقد یكون من بینھم شخصیات عامة رفیعة الشأن والسمعة تولت ویمكن أن تتولى مناصب علیا بما في ذلك مناصب قضائیة.
في قضیة عوني مطیع، كان ھروب الرجل بمثابة فضیحة ھزت الحكومة، وھبت البلد كلھا تطالب باستعادتھ، وأصبحت الحكومة على محك مصیري لاستعادتھ، بأي ثمن بل إن جلالة الملك أدار شخصیا الجھد الاستثنائي الذي اثمر باستعادتھ. وإذ تحقق ذلك، لم یترك للحكومة أن تزھو بالإنجاز، فقد بدأ الھمس أن كل ھذا الحرص على احضاره، كان بھدف السیطرة علیه واسكاتھ والحیلولة دون فضحھ للمتورطین الكثر معه، لكن جاء القبض على عدد من الأشخاص
المھمین في القضیة، لیبعد ھذه الشبھة ویؤكد أن التحقیق یسیر على قدم وساق، لكشف المتورطین في القضیة ومحاسبتھم فماذا نرید الآن؟ !
ربما یتساءل البعض في سیاق الدفاع أو تبریر الاحتجاج، عن بقیة الاسماء التي تم تداولھا ولم یقبض علیھا ولم توجه لھا اتھامات؟ ولماذا اقتصر الأمر على بضعة اسماء بعینھا، وإذا ما كان ذلك، یعني أن الدولة ترید الاكتفاء بتقدیم بعض أكباش فداء لانقاذ البقیة؟ قد یكون ھذا منطق بعض المتعاطفین مع المتھمین لكن ھذا المنطق لا یقود لأي مكان، لننتظر التحقیق فقد یكون ھناك شبھات حول متورطین آخرین لم یتم التوصل إلى قرائن بحقھم، وقد یكون المتھم الرئیس نفسه ما زال یرید حمایة البعض، لا نعرف.. لكن في النھایة سیكون ھناك محاكمات علنیة
وستظھر الروایة التي تشرح كل شيء.
وقد وصلنا الى نقطة لم یعد ممكنا ولا مجدیا التستر على شيء. ونحن طبعا نتوقع ونأمل ونرید الوصول إلى الحقیقة كاملة وعدم مراعاة أي شخص أو موقع لكن ضمن معاییر القانون والحق والعدالة التي نأتمن علیھا الجھات التحقیقیة والقضاء.
لقد مارس الرأي العام دورا استثنائیا مؤثرا عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالضغط على الحكومة ووضعھا أمام تحد لا یمكن التھاون فیه وقد ثبت توفر الإرادة السیاسیة، بجلب المتھم الرئیس وتقدیمه للقضاء، وھنا ینتھي دور السلطة التنفیذیة ویبدأ دور العدالة القضائیة، لكن ھذه السلطة لا یجوز أن تخضع لأي ضغوط بأي اتجاه لا للتبرئة ولا للادانة، والفزعة الأھلیة أو العشائریة التي تدعي البراءة سلفا ھي بصراحة نوع من الضغوط المسبقة غیر المشروعة. من یتعاطف مع المتھمین ویعتقد أن ثمة مؤامرة علیھم لیترك العدالة تأخذ مجراھا والمحامین یقومون بعملھم وسنرى. (الغد)