بين شجرة المشتل والشجر الدائم
د.فايز الربيع
24-01-2019 12:07 AM
تعرف شجرة المشتل بأنها شجرة توضع في وعاء قد يكون برميلاً أو أجاصاً كبيراً–توضع في مقدمة المشتل، تراها هذا العام ثم ترجع في العام التالي وتجد أنها لا زالت تراوح مكانها، لا تستطيع أن تستظل بها، ليس لها ثمر، أغصانها وفروعها قليلة، يقول لك صاحب المشتل إنها للزينة، فقد تم الاعتناء بها، إذا أردت مثلها فهو موجود، كي تأخذها مثلها وتنقلها إلى الأرض الدائمة، تبدأ العناية بها زراعةً وتسميداً وتقليماً، تبدأ تكبر ويبدأ ثمرها بالظهور، مثل أشجار الحمضيات واللوزيات، والعنب، وهناك أشجار للظل، وتقاوم العطش، وتنمو بين الصخور، منها الأشجار الحرجية، كالسنديان واللّزاب والبلوط والكينا، وغيرها، من بين الأشجار الحرجية المعمّرة، أشجار السنديان، قوية، حطبها صنف أول، تستعمل للنار، وتدوم طويلاً، يستظل الناس بها، في الغابات على سفوح الجبال وبين الصخور، يقال للرجال الأقوياء والمؤثرين أنهم سنديان البلد، لصلابتها ومقاومتها للظروف.
الإدارة في بلدنا في منحنى نزول وهبوط، لأن الاختيار غالباً ما يكون من بين أشجار المشتل، ضعيفة، ويمكن نقلها بسهولة من مكان لاخر هي رهن صاحب المشتل وطوع بنانه، هل نحن مستمرون في التعامل مع أشجار المشتل، بالرغم من أن الظروف تتطلب منا أن ننقل هذه الأشجار إلى الأرض الدائمة، كي تزهر، ويستظل الناس بها، يستفيدون من ثمرها، وحطبها، هي متعددة الأغراض كان الناس قديماً لهم كبار، يشار اليهم بالبنان، وعندما يقال اسم فلان يقال نعم الرجل، معروف بصفاته وأخلاقه وكفايته لدينا ألفاظ متداولة، توجهت الجاهة من الشيوخ والوجهاء، وقام الوجيه، وتحدث الشيخ، والنعم من هذه الأسماء، لكن البلد بحاجة إلى فعل، إلى مواجهة التحديات، إلى التصّدي للمحاولات التي يمكن أن تذهب بها إلى مجهول تحتاج إلى رجال يترفعون عن الأنا والذات، ولا يبحثون عن مصلحة عابرة، وإنما همهم البلد واستمرارها، وأن لا تتدحرج نحو الفوضى، تحتاج إلى من لا يريد أن يكون شيخاً أو وجيهاً، وإنما يكون مواطناً فاعلاً ومتفاعلاً إذا تحدث أقنع، وإذا غاب ذكر بخير، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه دلوني على رجل أوليّه إذا كان في القوم وهو ليس أميرهم كأنه أميرهم، وإذا كان أميرهم كأنه واحد منهم، فدلوه على أحد الصحابة فكان نعم الوالي والأمير، بلدنا صغير، الناس تعرف بعضها البعض ونعرف أن المواقع بالعلاقات وليس بالكفاءات، وأن الضعيف هو الحل، لأنه ليس من وراءه مشكلة، لا يقول لا، لا يناقش يعرف ما في رأس المسؤول وينفّذ، ينصح بما يرضى، فقط عكس القاعدة التي تقول، صديقك من صدقك وليس من صدّقك إذا لم نغير ما حولنا، نخشى على أنفسنا، لابد أن نغيّر حتى لا نتغير نحن، لأن هم من حولنا أن يبقوا هم، بغض النظر عن النتائج، فمصلحتهم هي الأولى وبقاؤهم هو الأهم.
drfaiez@hotmail.com
الرأي