اختتمت الدورة الاستثنائية على وقع إشاعات عن تغييرات شاملة، وهذه الاشاعات ليست جديدة تماما فهي أعقبت عودة الملك من زيارته الخاصّة الى الولايات المتحدة والحديث عن التطورات الإقليمية المقبلة وما قيل عن تفاهمات بشأن موضوع اللاجئين وأحد السيناريوهات تحدث عن حلّ مجلس النواب وتأجيل الانتخابات لمدّة عامين.
حديث جلالة الملك حسم أمر الإشاعات في موضوع اللاجئين وردّ عليها بحزم مؤكدا الموقف الأردني الثابت والذي لن يخضع لأي ضغوط، وفي بيت لحم سألت أكثر من مسؤول فلسطيني عمّا يتردد عندنا حول هذا الموضوع فأبدوا استغرابهم وفي الوقت نفسه كان الرئيس عباس في كلمته في افتتاح مؤتمر فتح في كلية التراسنطة ينفي الوصول الى أي تفاهم حول أي نقطة طوال الوقت حتّى الآن.
لكن التنظير للتغيير لن يعدم المبررات دائما بما في ذلك الحديث عن حالة عدم رضى عن أداء المسؤولين في مرافق مختلفة خارج وداخل الحكومة، لكن أين الجديد في ذلك؟! عدم الرضى عن الأداء هنا وهناك قد يعني تغيير هذا المسؤول أو ذاك أو اجراء تعديل وزاري وفق المعلومات الأكثر مصداقية وواقعية التي ترد عن رغبة الرئيس بتعديل محدود لتعيين وزير للتربية والتعليم وايضا تبديل واحد أو اثنين من وزرائه.
لسنا مؤهلين أن نجزم بشأن التغييرات على كل حال، وفي النهاية فالقرار عند صاحب القرار وهو جلالة الملك الذي لا يحتاج الى مراجعة أحد بشأنه، إنما حين نتحدث عن مستجدات وتوجهات تسلتزم التغيير فنحن لا نراها بصراحة، ونرى فقط الرغبة الدائمة عند المعنيين بإطلاق هذه الاشاعات لتجديد فرصهم ولهاث الوسط الاعلامي وراء هذه الاحتمالات التي تصنع خبزا للكتابات في ساحة تفتقر الى الحراك السياسي الحقيقي حول البرامج والخيارات. وليس هناك ما يصنع خبرا سوى تدوير الكراسي والمسؤوليات.
ما نراه واقعيا أن ثمّة برنامجا يجب المضي به قدما ويجب – في الجانب السياسي خصوصا- تطويره الى مشروع جاد للإصلاح السياسي ابتداء بقانون اللامركزية وانتخابات مجالس المحافظات مرورا بقانون البلديات وانتهاء بقانون الانتخابات العامّة، وها أن النقابات المهنية قد فتحت الطريق فيما يخصّها وهي بصدد مشروع اعادة هيكلة لتطوير المشاركة الديمقراطية واعتماد التمثيل النسبي في الانتخابات النقابية ولدى الحكومة مهمة الإقدام على إصلاح شامل للنقابات العمّالية أيضا.
الحديث عن التغييرات يحرف الأنظار دائما عن المشاكل الحقيقية وما تحتاجه البلاد فعلا، الى ما يحتاجه الطامحون في التغيير من دون أي تصور بديل غير تبديل المناصب. والاصلاحات المطروحة أو المطلوبة على المستوى السياسي هي مثل المشاريع الكبرى والاصلاحات على المستوى الاقتصادي بعيدة المدى وعابرة للحكومات.
ومن الآن وحتى الدورة العادية المقبلة، لدى الحكومة الوقت الكافي لصياغة مشاريع القوانين التي تحدثنا عنها آنفا والمسألة لا تتعلق بهذه الحكومة أو غيرها بل بتوفر الارادة السياسية للتقدم الى الأمام.
jamil.nimri@alghad.jo