لم تكد تضع الحرب ضد الجماعات المسلحة و الإرهابية ، أوزارها في سورية حتى ازدادت وتيرة الغطرسة و الاعتداءات الإسرائيلية على سورية البلد العربي المقاوم لمخططات التجزئة و التفتيت و تدمير جيشه العربي، الذي لا نملك إلا أن نحييه و هو يواجه صواريخ العدوان الإسرائيلية المصوبة نحو الأرض العربية أينما كانت.
طائرات عدو الأمة ما كانت لتجرؤ على استهداف الأرض السورية و تحديداً من المجال الجوي اللبناني الذي كان يتنفس هواءه قبل ساعات من الاعتداء جوقة من الزعماء العرب من الدرجة الثانية ، - لولا حالة التردي و الانكسار التي تعيشها الامة العربية - التي لا تستل سيوفها الا في مواجهة أبناء جلدتها و إلا فهي للزينة و مشروع هدية يقدم الى الأعداء و المتسلطين على هذه الشعوب والدول المغلوبة على امرها و التي يتم أهانتها و جلدها على الملأ لترفع الراية البيضاء و تسلم مقدراتها و مصيرها لهؤلاء الاعداء.
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة و المتزايدة بحجة ضرب (البعبع) الإيراني المزعوم غير صحيحة فهناك اكثر من سبب لتسخين الأجواء الملبدة بغيوم الحرب منها ما هو داخلي له علاقة بالانتخابات الإسرائيلية و محاولة تسجيل النقاط و كسب شعبية اليمين الإسرائيلي الذي ينادي بتحييد او القضاء على آخر الجيوش العربية و منها ايضاً إعطاء جرعة حياة الى المجموعات المسلحة المضللة ، و على راسها داعش و النصرة التي تعيش الهزيع الأخير من مسلسل هزيمتها بعد ان امعنت تخريبا و تمزيقا لبنية الدولة و المجتمع العربي السوري.
نعرف و نقدّر اننا في الأردن واقعين بين مطرقة المساعدات الامريكية و سندان هويتنا و عروبتنا ، لكن سورية الدولة العربية الشقيقة المجاورة هي عمقنا الطبيعي و الاستراتيجي ، مهما كانت الضغوط الامريكية و مهما تمظهرت سياسة التخويف والترهيب و مهما كثر عدد مولّي الأدبار في معركتنا مع العدو ، فإن معادلة
" الدم ما بصير ميّ " لا يمكن تعديلها او إلغاؤها من عقلنا الباطن والظاهر فمشاعر الحزن و الاستياء من استفراد إسرائيل بسورية و قصفها نهاراً جهارا تثير موجة من الغضب و الاحتجاج لدى شعبنا الأردني في مشهد مواجهة سورية العربية ضد دولة الاحتلال الصهيونية .
في مواقف فاصلة لا نملك الا ان ننحاز لعروبتنا و نصطف مع اخوتنا في الدم و التاريخ و الجغرافيا ، و ندين حالة الصمت العربي المخيم و الذي نتساوى به مع كوستاريكا إزاء عدوان بهذا الحجم على دمشق ، الصمت الذي لا يعكس مشاعر الشعوب المقهورة . في الاحداث العصيبة علينا ان ننحي خلافاتنا او تحفظاتنا، و بالذات مع دمشق التي انطلقت منها جيوش تحرير القدس و أعطت العالم حروف الابجدية و علمت جامعاتها عشرات الآلاف من الأردنيين بالمجان .
ننتظر من حكومتنا على الأقل إدانة شديدة و صريحة لدولة الاحتلال على اعتدائها و قصفها الهمجي على دمشق العروبة و الياسمين و التاريخ .