قضايا الشيكات في ظلال العفو
عصام قضماني
22-01-2019 12:09 AM
الشيك هو «صك» وفاء قابل للدفع فوراً غرضه تيسير المعاملات التجارية وتدوير المال ومشاكله لا تحل بعفو عام ولا بإعتباره جريمة عقوبتها الحبس، وتحتاج الى حل شمولي في المدى القريب.
الأردن لا يتفرد في مواجهة مشكلة تفاقم جرائم الشيكات، لكنها تكاد تكون محصورة في الدول النامية، ومبكرا تجاوزتها الدول المتقدمة وفرنسا انموذجا فإستعاض المشرع الفرنسي عن الجزاء الجنائي بجزاءين مدنيين؛ هما غرامة مالية تدفع للخزينة العامة، والمنع المصرفي.
الشيكات المرتجعة أو من دون رصيد لا تقف خلف معظمها نوايا نصب أو احتيال وهي في معظمها تعاملات بيع بالتقسيط، المشتري الذي حرر الشيك والبائع الذي قبله لأنه يعرف سلفا أن مصدره لا يملك المال للدفع الفوري، شركاء فيه ما أحاله الى أداة ترهيب بسلاح القانون حتى أن المبالغة في عقوبات إصدار الشيكات نالت من مدراء الشركات فقرر القانون إعتبار مدير الشركة أو رئيس مجلس إدارتها أو المفوض بالتوقيع مسؤولا جزائيا إذا حرر شيكا نيابة عن الشركة..
الشيكات المرتجعة لا تزيد في العادة عن 3% من إجمالي الشيكات المتداولة، ومع التكرار في المقاصة والوفاء لا تتجاوز قيمتها 1%، والمشكلة فيها تصبح إقتصادية إن إنتقلت من المستهلكين الصغار الى رجال الاعمال من التجار والصناعيين الذين غالبا لا يجازفون بسمعتهم في السوق حفاظا على تجارتهم ومصالحهم ما يضع مسألة الشيك بالنسبة لهم في موضع الثقة التي تقوم عليها كل التعاملات التجارية.
القانون متشدد بحق مصدر الشيك لكنه لا يعاقب من قبل به مؤجلا فهو يسجن الأول ولا يلاحق الثاني بل يعتبره ضحية مع أنه شريك في الجريمة.
عقوبة السجن في قضايا الشيكات تكاد تختفي من العالم الذي إنتهى من حبس الحرية مقابل الدين فالشيك هو إثبات دين مثل الكمبيالة والسند، والحقوق فيه لا تختلف عن حقوق أي دائن ومشاكله كموضوع مثير للجدل كبرت لأن التجار وغيرهم يرتكزون الى القسوة التي رتبها القانون لمصلحتهم في الضغط على المدينين تحت التهديد.
هل كان يجب أن يعاقب من يقبل شيكاً مؤجلاً، طالما أن الشيك يمثل النقد، فالنقد فوري وغير مؤجل بإعتباره شريكا في وقوع الجريمة وهو صاحب فكرة التعامل بشيكات بدون رصيد مؤجلة الدفع بمعنى أنها لا تمثل نقداً بل هي دين.
حتى لا تبقى قضايا الشيكات أداة إرهاب للدائنين الصغار وحتى لا تؤخذ كمؤشر سلبي يسيء لسمعة الاقتصاد وتضرب المصداقية التجارية لا بد من معالجة تزيل عنها مبالغات لا تستحقها.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي