الاردن ومنتدى غاز شرق المتوسط
د. عبدالله صوالحة
20-01-2019 06:06 PM
تم الإعلان في القاهرة الاسبوع الماضي عن إطلاق منتدى غاز شرق المتوسط بمشاركة سبع دول تضم كلا من الاردن ومصر والسلطة الفلسطينيةواسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا ويهدف هذا المنتدى الى انشاء سوق غاز إقليمي يخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد كلفة البنية التحتية وتقديم أسعار تنافسية وتحسين العلاقات التجارية .
الاردن هي الدولة الوحيدة بين الدول المؤسسة لهذا المنتدى التي ليس لها شواطئ على البحر المتوسط كما انها لا تملك احتياطيات تجاريةمن الغاز حاليا لكن وجودها يمكن فهمه كونها دولة عبور حيث نصت الفقرة السادسة من اعلان القاهرة على : مساعدة الدول المستهلكة في
تأمين احتياجاتها ومشاركة دول العبور في وضع سياسات الغاز في المنطقة .
وتتمثل الفوائد الاقتصادية التي سوف يجنيها الاردن نتيجة انضمامه الى هذا المنتدى في اولا : تنويع مصادر الطاقة المستخدمة في المملكة
ثانيا : الحصول على أسعار تنافسية
ثالثا : العوائد المالية المتحصلة من الاستثمارات في البنية التحتية لشبكات وخطوط الغاز او الناتجة عن تصدير فوائض الغاز سواء المكتشفة مستقبلا او من خلال تصدير الطاقة الكهربائية او الغاز المسال .
والاهم من ذلك ان الاردن سيكون له دور في رسم السياسات المتعلقة بالغاز مستقبلا .
أما من الناحية السياسية والاستراتيجية فان هذا المنتدى يعتبر الضلع الاقتصادي الاخر للتحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط الذي بدأ في التشكل برعاية الولايات المتحدة والذي يهدف الى مواجهة ايران ومكافحة الاٍرهاب وتعزير التنمية الاقتصادية من خلال الاستقرار والسلام, اقتصاديا سيعمل هذا المنتدى على تقليص الاعتماد الاوروبي على الغاز الروسي كما يسمح لمصر ان تكون مركز اقليمي للطاقة متجازوة تركيا عبر شركائها في قبرص واليونان وصولا الى اوروبا وبالتالي كسر الاحتكار الروسي المهيمن على سوق الطاقة في اوروبا , اضعاف الحليف الروسي لدول مثل ايران يزيد من فرص الاستقرار في منظقة الشرق الاوسط.
المعارضون لمشاركة الاردن في هذا المنتدى يبررون رفضهم لسببين الاول عدم قبول وجود اسرائيل -ولاول مرة- في تجمع اقليمي يعطيها مكانة رسمية في العالم العربي والثاني هو التخوف من ارتباط المنتدى بخطة السلام الامريكية ومشاريع التسوية السلمية ,والحقيقة ان السلطة الفلسطينية نفسها تشارك في هذا المنتدى ولم تعترض على وجود اسرائيل فيه ,كما ان موقف الاردن من القضية الفلسطينية واضح ولا يقبل التأويل فالاردن لن يقبل بأقل مما يقبل به الفلسطينيون, وبالتالي فان انخراط الاردن في الاحلاف الشرق اوسطية الجديدة سواء كانت اقتصادية او سياسية او حتى عسكرية وبغض النظر عن الدول المنضوية تحتها يأتي لتأمين مصالح البلد الاستراتيجية العليا .
التغيرات الجيواستراتيجية التي تمر بها المنطقة عملت على تغيير خارطة الانقسامات والنزاعات في الشرق الاوسط واوجدت تحالفات سياسية جديدة نتج عنها تبدل في اولويات ومصالح الدول العربية , والاردن ليس استثتاءا من هذه التحولات ,فالسياسة الخارجية الناجحة هي التي تعيد انتاج نفسها وتتموضع حيث تكون مصالح الدولة , حل مشاكل الاردن الاقتصادية والخروج من عباءة المساعادات الدولية والاعتماد على الذات يمكن تحقيقها من خلال مساهمة الاقتصاد الاردني في المشروعات الاقليمية الكبرى مثل الربط الكهربائي ,سكك الحديد ,خطوط الغاز ومشاريع المياه , الاردن مؤهل لان يكون مركز لوجيستي لادارة وتسويق وتشغيل العديد من هذه المشاريع ,مستفيدا من المزايا التنافسية للعنصر البشري والموقع الجغرافي .واخيرا فان المطلوب هو استغلال اللحظة الاقليمية والدفع باجندتنا الاقتصادية قدما وعدم الارتهان لمقولات وفرضيات واهية نسجتها عقلية المؤامره.