كُنْتُ جَالِسَةٌ أَسْمَعَ إِحْدَى المَحَطَّاتِ الفَضَائِيَّةِ الأُرْدُنِيَّةِ وَكَانَ الخُبَر مُفْرِحَا لِي سَمِعَتْ بِتَخْفِيضِ ضَرِيبَةِ المَبِيعَاتِ عَلَى إِحْدَى وَسِتُّونَ سِلْعَةٍ أَسَاسِيَّةٍ فَنِمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا فَرِحَةٌ وَسَعِيدهٌ لَقَدْ بِدَا العَدِّ العَكْسِيُّ مِنْ اجْلِ الوُصُولِ إِلَى الرَّفَاهِيَةِ الَّتِي وَعِدَّتُ بِهَا حُكُومَةٌ الرزاز, اِسْتَيْقَظَتْ بَاكِرًا وَكَلِي نَشَاطٌ وَحَيَوِيَّةٌ وَنَزَلَتْ لِأَقْرَبِ سُوبِرْمَارْكِت لِشِرَاءِ اِحْتِيَاجَاتِي فَسَأَلْتُ العَامِلَ فِي السُّوبِرْمَارْكِت عَنْ الرَّفُّ الَّذِي يُوجَدُ بِهِ سِلْعَةٍ غَيْرَهَا فَقَدْ وَرَّدْتُ بِالتَّخْفِيضِ أَكْتَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَكَانَتْ صَدْمَتَيْ لَمْ أَجِدْهَا تَمَالَكَتْ نَفْسِي وَقُلْتُ لَا بَأْسَ سَأُكْمِلُ التَّسَوُّقَ فَفِي القَائِمَةِ الَّتِي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَهَا مرتديلا فَاِبْنَتُي تُحِبُّ سَنْدوِيشَاتِ المرتديلا فَذَهَبْتُ نَحْوَ الرَّفِّ الَّذِي يُوجَدُ بِهِ أَصْنَافَ المرتديلا لِأُحَاوِلَ إِنْ أَحْصُلُ عَلَى عُلْبَةٍ مرتديلا الغرغر فَاِبْنَتُي تُحِبُّهَا وَهِيَ مَشْمُولَةٌ بِالتَّخْفِيضِ فَلَمْ أَجِدْهَا, حَزِنْتُ كَثِيرًا كَيْفَ سَأُوَاجِهُ اِبْنَتَي وَكَيْفَ سَأُصَرِّحُ لَهَا بِعَدَمِ وُجُودِ مرتديلا الغرغر يَا لِلهَوْلِ وَالكَارِثَةِ فَلِ يعيني اللهُ عَلَى مُصَارَحَتِهَا بِالحَقِيقَةِ, لَا بَأْسَ سَأُكْمِلُ التَّسَوُّقَ فَأُمِّي لَا تُحِبُّ مِنْ الأَسْمَاكِ أَلَا سُمْكَ الانشوجه فَأُمِّي جَاءَتْ مِنْ بِلَادِ الشَّوَاطِئِ البَحْرِيَّةِ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ عَلَى أَكْلِ ذَاكَ الصِّنْفِ مِنْ الأَسْمَاكِ بَحَثَتْ فِي جَمِيعِ رُفُوفِ السُّوبِرْمَارْكِت وَلَمْ أَجِدْهَا يَا لِهَوْلِ المَوْقِفِ أَنَا بُحَيْرَةٌ مِنْ إِمِرِي الآنَ كَيْفَ سَأُوَاجِهُ اِبْنَتَي الَّتِي لَمْ أَجِدْ لَهَا مرتديلا الغرغر وَمَاذَا سَأَقُولُ لَامِيٌّ عَنْ سَمَكِ الانشوجه, فَعُدْتُ لِلبَيْتِ وَأَنَا أُفَكِّرُ كَيْفَ اصارهن بِالحَقِيقَةِ وَالحُزْنِ عَلَى مَحْيًا وَجْهِيَّ قُلْتُ لِأَبْأَسَ سَأَقُولُ الحَقِيقَةَ لِهُنَّ سَأَقُولُ أَنَّي لَا أَعْرِفُ مِنْ أَنَا وَمَنْ أَنْتُنَّ هَلْ نِحْنَ نَعِيشُ عَلَى شَوَاطِئِ البِلَادِ البَارِدَةِ أَمْ نَحْنُ نَعِيشُ بِاِفْرِيقِيَا لَمْ أَسْتَقِرَّ عَلَى رَأْيٍ لِيُكِنَّ اللّةٌ بِعَوْنِي عَلَى مَا أَنَا بِهِ. حِينُهَا قَرَّرْتُ أَنْ أَذْهَبَ لِلمَقَابِرِ وَمَا أَنْ وَصَلَتْ حَتَّى تَرَاءَى لِي قَبَرَ جَدِّي وَمِنْ بِعِدَّةِ قَبْرِ جَدِّ جَدْيٍ و. وَ. حِينُهَا تَأَكَّدْتَ أَنَّى مِنْ هُنَا وَجُذُورِي هُنَا اِنْتِمَائِي إِلَى هَذَا المَكَانِ وَهَذِهِ الأَرْضِ.. إِذَنْ هُمْ لَيْسُوا مِنْ هُنَا وَلَا يَعْرِفُونَ أَيَّ شَيْءٍ عَنْ هَذِهِ الأَرْضِ وَلَيْسَ لِهُمْ اِنْتِمَاءٌ لِهَذَا المَكَانِ لِذَا فَلِيُصَدِّرُوا قَوَائِمَهُمْ كَمَا يَعْرِفُونَ وَكَمَا يَفْهَمُونَ فَأَنَا شَجَرَةُ الأَرْضِ سَأَبْقَى بِجُذُورِي قَائِمَةٍ وَكُلَّمَا سَقَطَتْ وَرَقَةٌ أُورِقَتْ أَوْرَاقٌ أُخْرَى خَضْرَاءُ.. وَهُمْ سَيُرَحِّلُونَ لِأَنَّهُمْ بِلَا جُذُورٍ وَسَتَقْتَلِعُهُمْ أَيُّ هِبَةِ رِيحٍ فَهَذِهِ الأَرْضُ الطَّيِّبَةُ لَا تُقَبِّلُ أَلَا الطِّيبَ.
قَالَ الشَّاعِرُ الكاظمي:
وَمَنْ لَمْ تَكُنْ أَوْطَانَهُ مفخرا لَهُ. فَلَيْسَ لَهُ فِي مَوْطِنٍ المَجْدُ مفخر. وَمَنْ لَمْ يَبِنْ فِي قَوْمِهِ نَاصَحْنَا لِهُمْ. فَمَا هُوَ أَلَا خَائِنَ يَتَسَتَّرُ. وَمَنْ كَانَ فِي أَوْطَانِهِ حَامَيَا لَهَا. فَذَكَرَاهُ مَسْكٌ فِي الانام وَعَنْبَرٌ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ دُونِِ أَوْطَانِهِ حُمَّى. فَذَاكَ جُبَّانِ بَلْ أَخُسُّ وَأُحَقِّرُ.