نجحت إيران في تجنيد أحد الوزراء الإسرائيليين الذي سبق وأن خدم في جيش المستعمرة الإسرائيلية كطيار برتبة رائد ، وقدم لها كافة معلوماته الأمنية العسكرية وعن مجال الطاقة باعتباره وزيراً لها في حكومة رابين عام 1992 وما بعدها .
صحيح أن الوزير غونين سيغف من المتورطين بالفساد والتهريب وسجله غير مُشرف قضائياً ، ولكن إيران تمكنت من تجنيده سواء لدوافع مالية أو لغيرها من الأسباب ، مما يفرض السؤال نفسه وتمكنت من ذلك ؟؟ وما هي الغرابة في ذلك ؟؟ لتنتهي بالسؤال الأهم ماذا يعني ذلك ؟؟ .
من جهة أولى لقد تمكنت إيران من تجنيد عميل له موقع متقدم لدى دولة معادية ، وهذا يدلل على أن إيران تتحلى باليقظة نحو المستعمرة الإسرائيلية والرغبة في معرفة كافة تفاصيل أوضاعها العسكرية والأمنية باعتبارها دولة عدو ، وهذا يُسجل لها لأنها تكون قد دفعت كلفة عالية لتلبية طلباته أو ما يُغريه .
ولكن من جهة أخرى وهذا الأهم أنها توصلت إلى تجنيد أحد الإسرائيليين وهو ضابط سابق ونائب سابق ووزير سابق ، يدلل على أن المجتمع الإسرائيلي على خلاف الانطباع السائد أنه مجتمع متماسك موحد لا يمكن اختراقه ، بل هو مجتمع مثل المجتمعات البشرية لديه الصالح والطالح ، والمقتنع الشبعان والجوعان ، وأن المشكلة هي في الجانب الفلسطيني والعربي والمسلم والمسيحي ، أنه لا يبذل جهداً حقيقياً في محاولات اختراق المجتمع الإسرائيلي ، والتسليم الفظ ، أن المجتمع الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي يمكن اختراقه من قبل العدو ، أما نحن فلا نملك القدرة أو الإمكانية لاختراق المجتمع الإسرائيلي المليء بالفساد والرشوة ، وهذا ما ثبت لدى العديد من القيادات الإسرائيلية ، وأن الاحساس أن المجتمع الإسرائيلي قوي ومتماسك ومبدئي هو إحساس خاطئ بالدونية عندنا وتصوروا لو أن العرب جندوا امكانياتهم باتجاهين : أولاً باتجاه الولايات المتحدة لبناء لوبي عربي إسلامي مسيحي مؤيد لحقوق العرب ويحترم مصالحهم، بدلاً من أن يكونوا في حالة هجوم سياسي عبر تشكيل لوبيات تُنفذ مطالب العرب وتحمي مصالحهم؟ فكم من أموال يتم تبديدها بلا أي فائدة مرجوة؟
إيران التي نختلف مع بعض سياساتها ، ها هي تخترق حدود عدونا الوطني والقومي والديني ومشروعه الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ، فلماذا لا نفعل نحن ما فعلته إيران عبر العمل على اختراق خطوط العدو وجبهته الداخلية طالما يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية ، ونكون بالتالي إذا أحسنا التصرف والعمل واحترام الذات ومنع تسلل الآخرين لجبهاتنا الداخلية ويتم إغلاق خطوطنا الحمراء ، ونتحول إلى الموقع الذي نستحقه إلى جانب الشعوب المتقدمة ، بدلاً من حالات الاستنزاف التي ترهقنا في الخلاف.
الدستور