سكجها يكتب: وزارة المغتربين” بين اعادة الموتى واستعادة الأردنيين!
باسم سكجها
18-01-2019 06:49 PM
إسمها وزارة الخارجية و”شؤون المغتربين”، وكانت في الأصل وزارة الخارجية فحسب، ولكنّ الانتباه إلى هؤلاء الملايين من الأردنيين أتى بعد كتابات وتنبيهات ومناشدات، ومنها منّا، فتغيّر إسم الوزارة، ولكنّ الاهتمام بشؤون هؤلاء لم يتعدّ المسألة الشكلية من تجديد جوازات واقامات، وإعادة الموتى، ولا أكثر ولا أقلّ…
حين دعونا للاهتمام بالـ”المغتربين”، لم يكن قصدنا ذلك الذي حصل وهو تحصيل حاصل، بل العمل على إعادة انتاج وجودهم في الداخل حتّى وهم خارج أراضي الوطن، ولا ننسى أنّ زميلنا مازن حجازي تبنّى قبل ثلاث وثلاثين سنة عقد مؤتمر سنوي لهم في عمّان، ولكنّ النجاح في الدورة الأولى لم يتواصل للثانية، لأنّ هناك من أفشل الأمر حين وضع العراقيل، وقدّم الظنون الأمنية والجغرافية، بعد الظنون الجغرافية والأمنية…
“المغتربون” الأردنيون لم يذهبوا إلى أقاصي الأرض للسياحة، بدليل أنّهم موجودون بيننا على وسائل التواصل الاجتماعي ليل نهار، بتفاعل حميم، وحين تبلغ إبنة واحدة منهم سنّ الزواج يحارب من أجل تزويجها لأردني من هنا أو هناك، وكذلك مع الإبن الذي لا يرضى له سوى واحدة من “البلاد”، وأكثر من ذلك فقد صار لهم حضورهم السياسي المعارض من هناك ولو في أقاصي الأرض، لأنّ المرارة من تصرّفنا حيالهم باتت تحكم آراءهم، وهم يعتبرون أنّهم “خبز الشعير” المأكول المذموم!
“المغتربون” الأردنيون عمود متين في الاقتصاد الأردني، وتعرف الحكومة أنّ وقف تحويلاتهم للأردن ستكون الكارثة بعينها، وسيقف وزير المالية وهو يفرد جيبه الفارغة على الملأ، وصحيح أنّ التحويلات قد تكون زادت قليلاً عن معدّلاتها هذه السنة، ولكنّ السبب بصراحة يعود إلى أنّ عدد المغتربين يزداد باطراد، والشحّ الاقتصادي يزداد في “البلاد” ممّا يدفع المغتربين لزيادة تحويلاتهم للأهل…
لن نطيل الحديث عن المليارات التي تهرب من الأردن، للاستثمار في الخارج، ولن نتحدّث عن مصانع تُغلق عندنا لتُفتح في بلاد أخرى، ولكنّنا نتحدّث عن إعادة إنتاج الثقة للمغتربين ماضياً وحاضراً، للعودة للأردن، وفي تقديرنا أنّ من شأن هؤلاء إعادة انتاج الاقتصاد الأردني بشكل صحّي، وهذا ما يستأهل ليس مؤتمراً واحداً فحسب، بل العمل الدؤوب بمشروع وطني يقتنع به الجميع.
ويبقى أنّ الأردنيين يُساهمون الآن في انعاش اقتصادات الامارات وتركيا ومصر وربّما غيرها الكثير، مع أنّ الأولى بهم بلادهم، وذلك باقناعهم أنّ العودة تستأهل التجربة، و لعلّ هذا أوّل الأسباب الموجبة لاستحداث “شؤون المغتربين” في الخارجية، ونحن بانتظار مبادرة، وللحديث بقية!