قضية للنقاش ..
عقوبة الإعدام .. وجرائم الأحداث !!
11-05-2007 03:00 AM
د . حسين الخزاعي
تعتبر الجريمة والسلوك الإجرامي من أوسع الظوهر وأعمقها التي تناولتها الدراسات الاجتماعية ، وبحثت في غمارها ، ووضعت النظريات المتعددة المفسرة لها . وقد خلصت هذه الدراسات والنظريات إلى القول : " إن المجرم ليس ظاهرة فردية منعزلة، وإنما هو نتاج مجتمعه ، فالمجرم عضو في جماعة ، وجريمته هي سلوك يخالف ما ترتضيه الجماعة من قيم وعادات واعراف ، وهي فعل لا تقبله غالبية افراد المجتمع ، ولمعرفة سبب ارتكاب المجرم لهذا الفعل لا بد من دراسة العلاقة بينه وبين المناخ الاجتماعي ، وتحليل طبيعة السلوك الإجرامي الذي يتكون من خلال هذه العلاقة .أسوق هذه المقدمه للإشاره إلى الحديث الذي يدور بين الفينة والأخرى حول إلغاء عقوبة الإعدام ، وتركيز العديد من البرامج الاعلامية على هذا الموضوع ، بمشاركة العديد من المسؤولين والكتاب والباحثين الذين يدلون برأيهم حول هذا الموضوع .
ولعل الموضوع الذي يستحق التوقف والإشارة اليه ، والغائب عن المناقشات والمقالات والتحليلات ، هو موضوع الجرائم المرتكبه من قبل الاحداث ، وأشير هنا إلى النقاط التاليه :
أولاً : تعريف " الحدث " استناداً إلى نص الماده ( 2 ) من قانون الأحداث الأردني رقم 24 لسنة 1968 م وتعديلاته لسنة 2002 بأنه " كل شخص أتم السابعه من عمره ولم يتم الثامنة عشر ذكرً كان أم أنثى " .
ثانياً: خلال الفتره 2000 - 2005 ، بلغ عدد الجرائم المرتكبه من قبل الأحداث 34618 جريمه من مجموع 244935 جريمه على وجه العموم .
ثالثاً : شكلت الجرائم المرتكبة قبل الأحداث نسبة ( 15%) من اجمالي الجرائم التي ارتكبت في الأردن حتى نهاية عام 2005 . وهي نسبة متذبذه وليست ثابته . إذ وصلت الى ( 21%) في العام 2003 .
رابعاً: تبلغ نسبة مرتكبي جرائم من الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة حوالي ( 36% ) ، في حين تبلغ تبلغ نسبة مرتكبي هذه الجرائم بين من تتراوح أعمارهم (15-17) سنه ( 64% ) .
خامسا ً: نسبة مرتكبي الجرائم الأحداث من ذوي المستوى التعليمي " أساسي وأمي" هي حوالي 71 % . وهذا يدفعنا إلى السؤال عن قوانين التعليم الإلزامي ؟ وقضايا التسرب المدرسي ، وجية تطبيق القوانين المتعلقة بها ، إذ إن هذا التسرب يساهم في دفع الأحداث إلى ارتكاب الجرائم .
سادساً : يتصدر الجهل السبب قائمة الأسباب الرئيسة لارتكاب الجرائم من قبل الأحداث ، وتليه التربيه الخاطئه ، ثم الأسباب المتعلقة بعدم التوافق الأسري .
سابعاًً : تشير المادة ( 18) من قانون الأحداث الأردني إلى "عدم الحكم بالاعدام أو الاشغال الشاقة على حدث " . واذا ما اقترف الحدث جناية تستلزم عقوبة الاعدام ، حكم عليه بالاعتقال مدة تتراوح بين 6 – 12 سنه .
واشير الى أن عدد جرائم القتل المرتكبة من قبل أحداث خلال الفتره 2000 - 2005 بلغت 44 جريمة منها 3 جرائم ارتكبت من قبل اناث .أما جرائم الشروع بالقتل ، فقد بلغت خلال نفس الفترة 142 جريمة ، في حين بلغت الجرائم التي تسببت في الوفاة 29 جريمة .
ثامناً : يبلغ عدد القوانين التي تتضمن عقوبة الاعدام ستة عشر قانوناً .
تاسعاً : تأسست محكمة الجنايات في الاردن في العام1975 ، ومنذ ذلك التاريخ ولغاية الآن تم اصدار وتنفيذ ما يزيد عن الف قرار بالاعدام . فهل قلت نسبة الجرائم ؟ وهل ساهم حكم الاعدام في تخفيض عدد جرائم القتل في الأردن ؟.
عاشراُ : اما بخصوص قضية الثأر من المجرم ، فأن هناك من يأخذ بثأره حتى لو حكمت المحكمة بالاعدام على القاتل ، ويؤخذ الثأر احياناً من غير المجرم ، إذ هناك قضايا ثأر كان ضحيتها اشقاء المجرم أو اقاربه من الدرجة الأولى .
وأرجو أن لا يظن القاريء أو يتبادر الى ذهنه بأني اطالب بأنزال عقوبة الاعدام بالأحداث ، بل على العكس تماماً ؛ أي المطالبة بالغاء عقوبة الاعدام ، بأستثناء العقوبات الصادرة بحق الجرائم التي تقع على امن الدولة ( خيانة الوطن ، الفتنة ، الارهاب ، .... ) والتي تعالجها المادة (110) من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته .
وأخيراً ، فأني أطالب بالتركيز على قضايا التوعية والتثقيف ، والتعليم الإلزامي ، المهني والاكاديمي ، واتباع الوسائل كافة التي تشجيع الطلبة على الأستمرار في مدارسهم وعدم التسرب منها ، وبالتالي تركهم للضياع ، واقدامهم على ارتكاب جرائم وهم في زهرة شبابهم ، وصولا الى احترافها في مستقبل عمرهم .
واطالب بالدراسة المتعمقة ، والبحث والجيد لجميع الحالات التي تحكم سنوياً بالاعدام، والتي لا تزيد عن ( 35) حالة . واخذ البعد الاجتماعي والبيولوجي والنفسي والصحي في عين الاعتبار عند تنفيذ هذه الدراسات . لنصل جميعاً الى رأي صائب جامع مانع حول هذه الموضوع .
ohok_90@yahoo.com