وللجرذان نصيب من الدعم الحكومي
عصام قضماني
18-01-2019 12:01 AM
المستفيد الأول وربما الوحيد من المحاولة الفاشلة للتفجير الأولى لصوامع الحبوب في ميناء العقبة هي الجرذان .. نعم هي الجرذان بكل ما يعنيه ذلك، فقد مثل لها فرصة ذهبية للفرار والنجاة بجلدها لأن التفجير كان صوتيا أيقظها ومنحها وقتا لترتيب أوضاعها.
هذا اكتشاف مذهل، 5ر2 مليون جرذ تقبع في الصوامع، تأكل وتمرح وتقتات وتتزاوج وتتكاثر، لم تحظ بفرصة مثيرة للنجاة كما توفرت لها، ها هي تسرح وتمرح في العقبة، بحرها، شوارعها وأزقتها، لتمرح وتسرح وتقتات وتتزاوج وتتوالد من جديد .
الكشف الأهم، وربما الأكثر إثارة هو أن هذا العدد الهائل من الجرذان الذي يعادل خمس السكان من البشر كان لسنين طويلة شريكا لنا في غذائنا المدعوم من خزينة الدولة، حبوب وذرة وشعير حتى القمح الذي يأتي منحة من أميركا عبر البحار، الجرذان شركاء لدافع الضريبة الأميركي ولبرنامج الغذاء العالمي أيضا ... هذه ليست نكتة يا سادة وأنا لا أسوقها هنا بوصفها طرفة .
هربت الجرذان بكل قواها وعافيتها التي نمت بفضل قمحنا وشعيرنا، وهي بصحة جيدة، ولعلها الآن تشعر بالطمأنينة والامتنان لتستأنف حياتها الطبيعية، وتواصل رحلة البحث عن مصادر أخرى للحياة، بعد بيات شتوي نامت فيه على معدات ممتلئة، مرتاحة ومتأكدة من حظها في مبادئ تكافؤ الفرص.
فشل التفجير فانتشرت الجرذان في نواحي العقبة تبني لها مستعمرات جديدة وتبحث عن جحور جديدة.
نعم كان للجرذان نصيب من دعم الخبز أيضا، لكن رفع الدعم لم يشملهم فهم يأكلون من أصل المصدر
حسنا تعالوا معي نفترض أن الصوامع لم تهدم وأن الفئران حافظت على مرتعها الخصب، ما هي الحالة في المديين المنظور والمتوسط، إليكم هذه المعلومات، تلد إناث الجرذان من ثلاث إلى ست مرات في العام، وتمتد فترة الحمل ثلاثة أسابيع، وتلد أغلب إناث الجرذ ستة أو سبعة جرذان صغيرة في الحمل الواحد، وبعضها تلد ثمانية أو تسعة جرذان!
معنى ذلك وبحسبة بسيطة لو فرضنا أن نصف العدد الموجود وهو 5ر2 مليون جرذ من الإناث أي 25ر1 مليون جرذ بمتوسط مواليد 6 للحمل الواحد مضروبة بثلاث مرات للحمل في سنة واحدة بالمتوسط فسيكون لدينا نحو 27 مليون جرذ، بالتأكيد هذا العدد مبالغ فيه مع خصم الوفيات بفعل الطبيعة أو حملات المكافحة وغيرها من الأسباب ولو خصمنا نصف هذا العدد في حصيلة الضحايا لأسباب طبيعية أو بفعل الإنسان فسيكون لدينا على الأقل 5ر13 مليون جرذ .. يا سلام، حينها لن يبقى لنا شعير ولا قمح نأكله ولن يبقى للخزينة أي مبرر للإبقاء على دعم ما هو غير موجود ..
ويمكن القول نظريا أن زوجا واحدا من الفئران يعطى حوالى350 مليون فأر خلال ثلاث سنوات ،كما أثبتت الأحصائيات أن أكثر من 3.5 مليون فأر يمكن أن يولد يوميا .
لكن لماذا لن يبقى لنا شعير ولا قمح , هذا يقودنا للحديث عن غذاء الجردان فهي تأكل كميات تعادل حولى 7% من أوزان أجسامها يوميا، فعلى سبيل المثال فار الحقل الذى يزن 250 جرام يأكل حوالى 25 جرام من الحبوب فى اليوم الواحد أى كمية مقدارها 6.5 كجم من الحبوب فى العام .
أما فأر المنزل فيأكل يوميا كمية تكافئ 15% من وزنة ، فمثلا الفأر الذى يزن 25 جرام يأكل مابين 3-4 جرام تقريبا فى اليوم الواحد، وهذة الكمية تعادل حوالى 1.4 كجم من الحبوب فى العام الواحد.
سأترك تقدير كميات الحبوب المنهوبة بفضل الفئران من الصوامع للقارئ الكريم فهذه حسبة معقدة.
إليكم الحل .. تقول الروايات في الأثر أن الجرذان كانت مشكلة لدى قدماء المصريين وكانت تأكل من صوامع الغلال وتفسدها كما هو الحال في العقبة.
المصري القديم وجد الحل في القط عدو الفئران اللدود فأصبح للقط منزلة رفيعة حتى أن المصريين عثروا في إحدى المقابر على نحو مليون قط محنط .
أخيرا نزف لكم هذا النبأ، الجرذان مخلوقات تفتقر الى الذكاء وهي شبه عمياء، لكنها في العقبة ذكية كما اكتشف ذلك كبار المكافحين فهي سريعة التعلم وقد لاحظت فرق المكافحة أنه ولدى وضع «الطُعم» المسموم الذي يخطف حياة جرذ تسارع الجرذان الأخرى الى الفرار.
“لا يوجد ما يدعو إلى الخوف والهلع” منطقة الصوامع ستردم بالكامل ولا أمل للفئران في العودة إليها فابحثوا عنها في مواقع أخرى .