الملك يضبط ساعات الأردنيين على التوقيت الوطني الأردني
05-08-2009 12:32 AM
لم يكن الملك عبدالله الثاني بعيدا عما يدور في أذهان الأردنيين ، وان صمتَ لفترة غير طويلة، فإنه صمت ، صمت ْالعارف بتوقيت فصل الحديث ، وجاء خطابه اليوم من على شرفة الجيش العربي الذي خضب أبناؤه بالأحمر القاني تراب فلسطين وأسوار القدس ، جاء ليؤكد الثوابت الأردنية في أن الزمن لا يعود الى الوراء ، وان إنجاز الدولة بحاجة الى حماية أبناءها من مختلف شرائحهم .. ولأن قوله الفصل فقد أعلنها تماما أن لا حديث عن تعديل على هوية الدولة الأردنية وان الأردن هو الأردن وسيبقى وطنا لكل الأردنيين الشرفاء المنتمين .. فالدولة الاردنية نختلف معها ولا نختلف عليها ولن يتسنم مناصبها غير أهلها .. كما هو الحال مع النظام الهاشمي الذي لم يكن في يوم من الأيام إلا مع الأردن ، وطنا ، وشعبا ، ومستقبل .
يعود الملك اليوم ليعيد ضبط ايقاع المرحلة ، بعدما تخاطفتها "نغمات " غريبة ، غربية وشرقية وعربية تبحث في جدار الوحدة الوطنية الاردنية عن مكان ضعيف لتدق فيه إسفين الفرقة بين مختلف القوى السياسية والشعبية وأركان الدولة الأردنية .. وضبط الملك للبوصلة في خطابة المنسجم تماما مع دعواتنا المستمرة لتأكيد الثوابت الوطنية والتأكيد على هوية الدولة الأردنية ، سيكون من شأنه رفع الروح المعنوية للأردنيين في مختلف معاقل الوطن .. وسيعيد ثقة الذين يقرؤون ما يترجمه البعض على انه تآمر على وطنهم ونظامهم ، وسيعزز العمل نحو دعم التمسك بخيار حق العودة والتعويض للأشقاء الفلسطينيين ، وتذكير السامع والقارىء بأن الاردن شعبا وجيشا ونظاما هو كل متكامل لا يطأطئ لأي جهة بعيدة أو قريبة ، ولن يرضى الأردن أن يكون لا كبش فداء ، ولا جزءا من المؤامرة على الشعب الفلسطيني .
خطاب الملك لا يحتمل التأويل ، وحتى يستريح أصحاب الشُعب التفسيرية ، والمنابر الملغومة ، والمتباكين على حق الشعب الفلسطيني ، والمتحاملين على الدولة الأردنية ، والمحمّلين التاريخ الوطني الأردني تبعات هزائم العرب وتفريط جيوش الأحزاب والأنظمة الانقلابية بحق الشعب الفلسطيني والأراضي الفلسطينية .. حتى يستريح أولئك ومن لف لفهم ، فإن الملك قدم لهم وبخلاصة الحديث فهمنا كأردنيين لما يجري ، وما سيجري ، أو ما ينتظر ان يحدث في المستقبل . بالنسبة للأردن وهويته وهوية شعبه خاصة ، ولفلسطين ولأبنائها وحقهم في ان يقرروا مصيرا واحدا كتب لهم ، وهو حق العودة وإقامة دولتهم على تراب فلسطين المحررة الموحدة
الخطاب جاء كالعادة منتصرا للحق الأردني الدائم ، ومتماهيا مع ما حملته أقلام الأردنيين المخلصين للنظام وللدولة ، والمدافعين عن حق إخوانهم الفلسطينيين في كرامة العيش ، ورفع لواء تحررهم ، وإعلان هويتهم الفلسطينية التي لن تطمسها أي مداولات ثنائية ، ولا اتفاقات دولية ، ولا انشطارات وطنية فلسطينية ، ففلسطين أكبر من المتخالفين ، وأعظم من كل الفصائل ، والشعب الفلسطيني أغلى من أي حزب أو تنظيم ..
وما تأكيد جلالته على ذكر المخيمات جنبا الى جنب مع ذكر الأرياف والبوادي ،إلا دليل قاطع على ان المخيمات جزء من النسيج الاجتماعي الاردني ، وحق ثابت مؤكد لا حياد عنه لهدف لا بد منه يتمثل في عودة اللاجئين ممن اجتثوا من جذورهم خلال الحربين الظالمتين على فلسطين الأولى والثانية ، والتي كان من نتائجها غياب الهوية السياسية العربية لفلسطينيي 48 ، وتفتت الولاءات وتبعثر القوى لأبناء 67 وتنازع الدول التي لم تقدم لفلسطين وأهلها سوى بحورا من الخطابات والشعارات والمتاجرة بالقضية الفلسطينية ، في الوقت الذي لا يستطيع الفلسطيني فيها ان يمتلك حقه الطبيعي في العيش كمواطن اجتماعي لا سياسي حتى .
ولأن الإشاعات والأقاويل طالما كانت مقتل أي أمة تستشري بها ، فإن ضرب الملك لأوكار المنافقين وأصحاب الأقنعة ، والأفكار المزدوجة غير المقنعة ، من أصحاب الصالونات والجلسات والكولسات البعيدة عن أعين الناس ، جاء في توقيت مهم ، ارتفعت فيه عقيرة البعض ممن لا يبحثون في أصل الأشياء ، ولا يحملون هم الوطن وتلاحم أهله ، وديدنهم تفريق الجماعة وبث الإشاعات واستفزاز مشاعر الآخرين .. وهؤلاء استفادوا من المناخ الصحي لحرية الرأي واحترام حقوق الناس من مواطنين ووافدين في ظل الحكم الهاشمي الذي لن يرضى أي أردني بديلا عنه ، كما هو حال حكامهم الحكماء الذين لم ولن يستبدلوا هوية شعبهم بغيره .
يبقى ان نعلن العرفان للملك لأنه أراح أقلامنا التي نادت على الدوام بتحرك عجلة الإصلاح والإنجاز وإنهاء الحكومات للبرامج الموكولة لها والاضطلاع بالمهمة السامية والأمانة التي نشأت من أجلها الحكومات وهي خدمة الشعب والسهر لتأمين راحته ، ومكافحة الفقر والجهل ، والارتقاء بمستواه الفكري ..
الملك اليوم أعاد ضبط ساعة الشعب بمختلف شرائحه ومشاربه على التوقيت الوطني الاردني ، فكان نموذج ساعتنا سيفان وتاج ، فليعد الغاوين عن غيهم ، وليشمر أهل الحكومات والوظائف العامة عن سواعدهم ، وليتكاتفوا مع أخوتهم أبناء الجيش الباسل الذي يعمل بصمت ، يرجون رحمة ربهم ورضوانه ، من أجل وطن قوي مزدهر ، ومستقبل لا يأتيه الخوف من أي جانب .. فليسلم الملك لنا جميعا ، ونحن في ذات الخندق صامدون من أجل أردن لا ينام على ضيم .