لغة الحوار والثقة المفقودة ما بين الواقع والطموحات
د. ختام زهير العبادي
16-01-2019 08:17 PM
تنعدم الثقة بسبب غياب لغة الحوار البنّاء و الصريح والمكاشفة بين اصحاب المسوؤلية و المطالبين بالتغيير و الإصلاح.
فعندما يتصدر احد الأطراف المشهد ينعدم عنده مفهوم الحوار ويغيب عنه مبدأ تفهم الاخر.. ويتحول الحوار العقلاني الى صراع بين هذه النخب و الأطراف، الهدف منه القضاء على الاخر والتشكيك به وتسخيف أفكاره وآراءه وتبدأ مغالاة صاحب كل فكره لفكرته على حساب الاخر، و إظهار الاخر بأنه خصم ويجب إفشاله، ظناً من كل طرف بقدرته على فرض آراءه و افكاره على كامل المجتمع.
مما يدفع الطرف الأخر للتشدد و المغلاة أيضاً وهو ما يولد بيئة حاضنة للكراهية تفضي بشكل مباشر الى نتائج لا تحمد عقباها بغض النظر عن طبيعة الفكرة سواء كانت ضد أم مع، ظناً منهم بأنه الحل الوحيد للتأثير و تحقيق الهدف.
يجب أن ندرك أن الحوار وتقبل الاخر هو أساس البناء و البقاء، وأن يكون الطرف الأقوى الطرف الحاضن و الراعي لباقي الأطراف الاخرى.
أما عندما يتحول الحوار الى صراع، فالصراع لا يؤسس إلا الى التناحر و خسارة الجميع على أيدي المتربصين الذين سيديرون الصراع ما بين الإخوة الخصوم ويحصدون نتاج صراع الإخوة.
أضف الى ذلك أن الإنتاج و الإبداع وتحقيق العدل الإجتماعي و محاربة الفقر والفساد والقضاء على البطالة لا يمكن أن تنبت في بيئة يسودها التشكيك والتنازع وإنعدام الثقة و جلد الذات فلا يمكن أن تتحقق الثورة الفكرية التي ستؤدي الى نهضة وطنية شاملة على كافة الأصعدة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية في مجتمع منقسم على نفسه يعيش حالة تجاذب سلبية بين أطرافه فلا بد للمجتمعات اذا ما ارادت الإصلاح و التقدم و تحقيق نهضة حقيقية متكاملة أن تكون متصالحة مع نفسها بكافة أطيافها و مكوناتها و مؤسساتها وأن لا يتحول الحوار فيها الى صراع مهما إختلفت الأفكار أو المفاهيم، فالتنوع والتباين منهج الحضارات ومن سمات الإبداع، فالنهضة الحضارية تتطلب إبداع لتتحقق على أرض الواقع و هذا الإبداع يحتاج الى إرادة حقيقية من جميع الأطراف مبنية على التوافق والانسجام وتفهم الاخر وحرية التفكير وحرية النقد دون الاساءة او التشكيك وتغليب المصلحة العامة والعمل على تجاوز كافة العقبات التي من الممكن ان تعيدنا خطوة او اكثر الى الوراء.
"حب الوطن يجمعنا و مستقبل الأجيال أملنا وستبقى قناديلنا مسرجة ولن نقول يوماً فليكن ما يكون بل سنقول دوماً فليكن ما يجب".
"حمى الله الوطن أرضاً وشعباً وقيادةً"