يكتب: بدون “مع حفظ الألقاب”!
باسم سكجها
16-01-2019 05:09 PM
استمعت إلى ضحكة مكتومة من والدي، وهو يفتح رسالة من بريده اليومي، وقادني فضولي إلى السؤال، فسارع إلى أن قدّم لي مغلّفاً مكتوباً عليه بخط عربي جميل: “سعادة الأستاذ ابراهيم سكجها”، وفي داخله بطاقة دعوة لحضور مناسبة حكومية، يتردّد فيها لقب “سعادة”، وفي آخر الدعوة يظهر توقيع إسم رئيس الوزراء وقبله “دولة”!
ولمّا لم أعرف، حينها بعد، سرّ ضحكته المكتومة، سارع إلى البحث عن عدد من صحيفته “الشعب” قبل أسبوع، وكان في صفحتها الأولى خبر قصير يقول: “الحكومة تُقرّر وقف استخدام الالقاب”، لأنّه ليس هناك فرق بين أردني وأردني!
ولكنّ ذلك كان توجّها تقدّمياً لم يُنفّذ، بدليل ما حصل مع والدي رحمه ربّي، في السبعينيات من القرن الماضي، وبدليل أنّ أصحاب السعادة والعطوفة والمعالي والدولة، “يأخذون على خاطرهم” إذا لم يُسبق إسمهم باللقب الرفيع، فعارضوا وكانوا أكبر من قرار الحكومة، وما زالوا حتى هذه اللحظة من الكتابة!
علينا أن نعترف بأنّنا شعب يحبّ التفخيم، والألقاب من “الباشا للشيخ للبيك وغيرها الكثير”، وفي يوم صادف الراحل الحسين اعلاميا مخضرما نحترمه كلّنا، هو أستاذنا ابراهيم شاهزاده، فقال له بشكل عفوي: “كيفك باشا؟”، وهكذا فقد صار لقبه الباشا منذها، وفي يوم التقى رئيس مجلس النواب حينها الاستاذ عبد اللطيف عربيات، فقال له بشكل عفويّ أيضاً: “معاليك”، فالتصق لقب “معالي” بأستاذنا الفاضل.
أتحدى من يخالفني أنّه حين تكون هناك استضافة لوزراء أو مدراء أو رؤساء أقسام أو حتى خفراء، في برنامج تلفزيوني، أو ندوة عامة، أو غيرها، ولا يرتبك المذيع أو المدير في التقديم وتوجيه الأسئلة، وفي آخر الأمر يحلّ المعضلة فيقول: “مع حفظ الألقاب”!
وفي يوم قبل خمس عشرة سنة وأكثر، كتبتُ أنّ رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس القضائي يستأهلان لقب “دولة”، ما دام رئيس الحكومة يحمل اللقب، وما دام رئيس مجلس الأعيان يحمله أصلاً، باعتباره دوماً رئيس مجلس وزراء سابق، فهؤلاء يمثّلون السلطات الثلاث، وكتب بعدنا من تبنّى الأمر من ناقلين ومؤيدين، ولكنّ شيئاً لم يحصل!
ما نقوله: إنّا ندعو إلى إلغاء كلّ تلك الالقاب التي لا تليق بالعصر، وتحمل المعنى التمييزي بين الناس، ولا تُستخدم إلا في الدول المتأخرة التي يشحد صغارها ودّ كبارها، وفي رحلة قاسية من الغُبن الممجوج، ذلك الذي لا يعني سوى التخلّف والنفاق ، وللحديث بقية…