الحبس التنفيذي بين التعديل والتطبيق
المحامي صخر نايف الصبيحي
16-01-2019 01:09 PM
قام مؤخراً مجموعة من أعضاء مجلس النواب بتقديم مقترحاً لتعديل المادة 22/ج من "قانون التنفيذ وتعديلاته رقم 25 لسنة 2007" التي تتعلق بحق الدائن بطلب حبس مدينه في حال لم يسدد الدين او يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية مستندين على ان الأردن عضو في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم (4764) الصادرة بتاريخ 15/6/2006، وبالتالي يتوجب تعديل المادة 22/ج أعلاه لتتوافق مع العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر حبس أي إنسان (المدين) حال عجزه عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية.
السادة النواب عند تقديمهم لهذا المقترح هل تأملوا بالأثار المترتبة على هذا التعديل سواء على التطبيق العملي في المحاكم أو ردة فعل المجتمع المحلي؟! أم ان هدفكم فقط عمل بروباغندا إعلامية وجمع لايكات واعجابات وزيادة المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. سعادة النائب عندما تقدمت بهذا المقترح لم يخطر ببالك ما هو البديل للحبس التنفيذي حتى تضغط على المدين لعرض تسوية للدائن وتصويب أوضاعه، سيدي النائب لم تأخذ بعين الاعتبار أن أصحاب الحقوق ستضيع حقوقهم وتهدر أو سيلجأوا الى استيفاء الحق بالذات وتأجير أصحاب الأسبقيات لأخذ "خاوات" لأخذ حقوقهم مقابل مبلغ مالي...
كما تعلمون أن المعاهدات والإتفاقيات الدولية حتى يتم الإعتراف بها دستورياً ويصار إلى تطبيقها و/أو عكسها على القوانين تتطلب موافقة البرلمان على الإتفاقية أو المعاهدة وهذا ما نصت عليه الماد 33/2 من الدستور الأردني التي تنص على ما يلي "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية". وعليه، هل تم عرض هذه الإتفاقية و/أو المعاهدة على مجلس الأمة وسارت عبر المراحل الدستورية المقررة بموجب القانون؟! من هنا جاءت ضرورة تأكد القضاء الوطنًي من ان الاتفاقية و/أو المعاهدة الدولية قد استكملت جميع الشروط والمراحل القانونية التي تطلبها الدستور لسريانها داخل الدولة، سواء كانت تلك الشروط متعلقة بنشرها في الجريدة الرسمية وفقا للقانون، او متعلقة بضرورة موافقة البرلمان على الإتفاقية...
كما انه لا بد من الإشاره بأنه قد صدر مؤخراً قانون الإعسار رقم 21 لسنة 2018 الصادر في عدد الجريدة الرسمية رقم (5514) بتاريخ 16/5/2018 الذي حدَ من تقديم طلبات الحبس التنفيذي و/أو أوقف السير بإجراءات التنفيذ لكون ان المدين معسر أي أن مجموع دينه و/أو الديون المستحقة عليه تزيد على الأموال او الممتلكات التي يملكها وهذا يتطلب تقديم طلب إشهار الإعسار لدى المحكمة المختصة والسير بإجراءات محددة لإثبات بان المدين معسر مما يحول دون قدرة الدائن على تقديم طلب الحبس نظراً لصدور قرار قضائي يقضي بأن المدين معسر.
أخيراً، من وجهة نظري يجب الالتفات عما ابدوه الساده النواب لما له من اثار سلبية على المجتمع المحلي وعلى التطبيق العملي للمحاكم، وبالمقابل أقترح على السادة النواب تبني تعديل المادة 23 من قانون التنفيذ التي تنص على ما يلي:
لا يجوز الحبس لأي من :
1. موظفي الدولة .
2. من لا يكون مسؤولا بشخصه عن الدين كالوارث من غير واضعي اليد على التركة والولي والوصي .
3. المدين الذين لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره والمعتوه والمجنون .
4. المدين المفلس اثناء معاملات الافلاس او المدين طالب الصلح الواقي .
5. الحامل حتى انقضاء ثلاثة اشهر بعد الوضع وام المولود حتى اتمامه السنتين من عمره .
ب. كما لا يجوز الحبس اذا كان المحكوم به دينا بين الازواج او دينا للفروع على الاصول .
بتوسيع شريحة الأشخاص الذين لا يجوز طلب الحبس عليهم بإضافة ما يلي (المدين المتقاعد سواء
من القطاع العام او الخاص ويتقاضى راتب تقاعدي حسب الأصول)...
من خلال هذه الإضافة سيتم حماية فئة كبيرة من أبناء الوطن كون أن طلبات الحبس التنفيذي في الكثير من الأحيان تكون على اشخاص متقاعدين يتقاضوا رواتب تقاعدية. بالتالي من خلال هذا التعديل يفقد الدائن حقه بطلب الحبس، ولكن بالمقابل يستطيع الدائن ان يقدم طلب اقتطاع من راتب المدين التقاعدي بما لا يتجاوز ثلث الراتب ذلك سنداً لأحكام المادة 31/ب من قانون التنفيذ.
والله من وراء القصد...