(Life is not fair)؛ بهذه الجملة أنهت السمراء الصغيرة ذات العشرة أعوام حديثا مع صديقتها حول القضية الفلسطينية، وتلك كانت الجملة الحقيقية الوحيدة التي سمعتها أثناء تلك الجلسة. فبعد أن تخلت ستي عني، فقدت الأحاديث صدقها وبهجتها أيضا.
- في حدا بيسمع أم كلثوم على الصبح؟
بدا لي السؤال كريها وبليدا، مثله مثل (في حدا بيسمع فيروز بالليل)؟ وهل في القوانين ما يمنع ذلك؟
يروين إذ يحتسن قهوتهن قصصا لا تنتهي، وإن سئلن عما فعلن بالأمس، لا يترددن بسرد المزيد من القصص. والحق أنه ليس فيما يروين ما يؤذي، ويكفي لمن استسلم للإستماع لهن أن يكون قد فقد مهارة استعمال الوقت. لكني لو كنت مكان أي منهن لتلعثمت على الأقل، أو صمتّ.
لا أهتم بالبحث عن كلمات لمجاراتهن أو مجاملتهن. بل هي أفكار تظل معلقة في رأسي مثل الضباب لترسم على وجهي بالنهاية ابتسامة مبهمة، سرعان ما تتلاشى. وهذا أيسر الحلول وهو أكرهها بالمناسبة.
تنتهي الجلسة بمزيد من الصداع وهيجان في القولون، وعدم القدرة على النوم بالضرورة! كلها إشارات قد تنذر بانقلاب في حياتي، وأنا بلا شك قلقة، ذلك ليس لكونها حياة غنية ولا حتى مثقلة، إنما مما قد يأتي. أتمنى أن أنام عاما أو شهرا على الأقل، لكني أخشى أن أستيقظ متعبة وربما خائبة، وسط طلاسم جديدة!
الليل يهبط.. أنام ساعة واحدة. مشاهد كثيرة تنتعش في قلبي، وأغان عدة تنبعث بقوة في ذاكرتي. يبدد كل ذلك أنين ريح الصحراء فجأة، فلا يبقى سوى صوت الجزائرية وردة تغني (أنا أبقى إيه والربيع من غيرك إنت مش ربيعي)، وصورة وجه تلك الطفلة السمراء. ثمة سعادة مختلفة في ذلك الوجه الصغير، وجمال نقي وثمين حررني من حلم مزعج على الأغلب!