facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




اللّاتهذيب!


سليمان الطعاني
15-01-2019 07:14 PM

وقعتُ على أحد الفيديوهات على فيس بوك تتكلم فيه الباحثة الامريكية على ما أظن، حول موضوع أسمته " اللاتهذيب" incivility وأثره على سلوك الأفراد وإنتاجيتهم في المؤسسات وأثره في تراجع جودة الحياة عند الأفراد بشكل عام في أي مرفق من مرافقها...وتعني الباحثة بمصطلح اللاتهذيب: مجموعة من السلوكات تتسم بالفظاظة والخشونة والاستهزاء في تعامل الناس فيما بينهم دون اعتبار لقيم الاحترام والتودد واللطف والكياسة وحسن العبارة،

ولدى مشاهدتي للفيديو تذكرت أوضاعنا فوجدتها مزرية من هذه الناحية ووجدتنا بحاجة الى مئات الأبحاث والدراسات من هذا النوع لتلميع الصورة، ووجدتُ عبارات: شكراً، آسف، لو سمحت، لو تكرّمت، من فضلك....، وجدتُها قد اختفت من قاموس تعاملاتنا اليومية، في البيت والشارع والمدرسة ومؤسساتنا بشكل عام بين المسؤول والمرؤوسين! نعم يعوزنا التهذيب في التعامل، فملمسُنا خشن وطبعنا وَعِرٌ سافِر وضميرُنا يَعُدّ الجلافة رجولة ويحثّنا عليها قائلاً: كلما خشنت عباراتك كلما كان ذلك دليلاً على قوة شخصيتك وشكيمتك، أمّا إذا كنت ودوداً ومهذباً كان ذلك دليلاً على ضعف شخصيتك!

بكلمة قد تتسبب في أن تُسعِد شخصاً، وبكلمة قد تحزنه، بكلمة قد يرضى الله عنك، وبكلمة قد يسخط عليك، بكلمة قد يحبك الناس، وبكلمة قد ينفروا منك ويبغضونك!

نعم انه عدم الاحترام أو ال فظاظةrudeness هو سلوك يشتمل على العديد من الصور المختلفة، بداية من الاستهزاء أو التقليل من قيمة شخص آخر ومضايقة الآخرين بطرق مؤلمة وإطلاق النكات المهينة والسخرية من الآخرين وصولاً الى ارسال الرسائل النصّية في وسائل التواصل الاجتماعي،
تقول الباحثة: انها أجرت دراسة حول تأثيرات السلوك غير المهذب "اللاتهذيب" على الأداء والإنتاجية، وما وجَدَتْه كان لافتاً للانتباه، تم ارسال استبيان الى خريجي كليات إدارة الأعمال ممن يعملون في مختلف القطاعات وتم الطلب منهم كتابة بعض العبارات حول تجربة واحدة عوملوا خلالها بشكل فظ أو بعدم احترام أو بشكل خال من الإحساس والانسانية وفيه نوع من قلة الأدب وعدم التقدير، ومن ثم الإجابة على أسئلة حول طريقة رد فعلهم.

يقول أحدهم عن رئيس له أنه يقوم بإطلاق عبارات مهينة حيث وصف ما قام به من عمل بالعبارة التالية "هذا عمل أطفال في الحضانة"! ومسؤول آخر قام بتمزيق عمل أحدهم أمام الفريق بأكمله!

وغيره يدخل المؤسسة دون ان يطرح السلام على الموظفين، ولا ينادي الموظفين بأسمائهم، وهذا يتجسس على الموظفين وذاك ينافق للرئيس وهذه تنقل أخبار الموظفين وتلك ترتشي ......الخ سلوكات الواحدة منها كفيلة بهدم أركان المؤسسة.

ما وجدته الباحثة أن "اللاتهذيب" أدى الى خفض حماس الناس حيث تقلص نشاطهم في العمل 66% مما ولّد عندهم احباطاً وانتكاساً أثّر على أدائهم، وأضاع 80% الوقت في القلق بسبب ما يحدث وهم يفكرون بما قام به المسؤول حيالهم! وقام 12% بترك وظيفتهم نهائياً معللين لك بأن ما حدث لهم يشكّل إهانة مسّت كرامتهم وجرَحَت شعورهم! علمت "سيسكو" وهي شركة أمريكية عملاقة متخصصة بعلم الشبكات علمت بهذه الأرقام فقدّرت بشكل متحفظ بأن "اللاتهذيب" سلوك يكلفها 12 مليون دولار خسارة سنوياً مما حدا بها الى ان تعيد النظر في سياستها في هذا المجال!

اللاتهذيب جرثومة وهي جرثومة معدية ونصبح حاملين لها فقط بالتواجد بجوارها، فان كان للاتهذيب هذا الثمن الكبير فلماذا لا نزال نشاهده بكثرة؟ السبب الأول هو الضغط والتوتر stress الذي يشعر به الناس تقول الباحثة، والسبب الآخر لعدم تهذيب الناس هو ايمانهم بأن هذا يقلل من صورتهم القيادية! يظنون أن الطيبين ينالون المراكز الأخيرة ولكن اتضح من التجربة أنه على المدى البعيد يحدث العكس.

ما فائدة التهذيب؟ تتساءل الباحثة، انه يجعل الناس يعتبرونك شخصاً هامّاً وذو سلطة تجمع خليطاً فريداً من صفتين أساسيتين: لطيف وكفؤ Cute and efficient وكذلك ودود وذكيّ friendly and intelligent، فمن أين تبدأ إذن؟ كيف ترفع من معنويات الناس من حولك وتمنحهم الإحساس بالاحترام؟ الجيد هو أن هذا الأمر لا يتطلّب تحولاً كبيراً، بإمكان الأمور الصغيرة أن تشكل فارقاً كبيراً، حيث وُجد أن توجيه الشكر للناس، الإشادة بالفضل، الانصات باهتمام وطرح الأسئلة بتواضع التعرّف على الآخرين والتبسّم.. كل هذا يحمل تأثيراً ايجابياً.

ما ظهر في الدراسات والبحث أنه عندما نمتلك بيئة أكثر تهذيباً نصبح أكثر إنتاجية، أكثر ابداعاً وتكاتفاً وأكثر سعادة وصحة، يمكننا تحسين أدائنا، كل منا قادر أن يكون مهذباً ولبقاً ويمكنه فعل ما يشجع به من حوله في العمل وفي المنزل على الانترنت وفي المدرسة والجامعة وكذلك في المجتمع ككل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :