ديمقراطية الاحتجاج في الشارع الأردني
نضال منصور
04-08-2009 05:18 AM
الأردن يتغير والعين المنصفة لا تخطئ ذلك، والمسكوت عنه خرج إلى العلن والشواهد على ذلك كثيرة.
هذا الحراك لا يقتصر على المشهد السياسي، ولا يحدث على صفحات الجرايد والمواقع الإلكترونية، بل يمتد إلى البعد الاقتصادي والاجتماعي، ويجري التعبير عنه في الشارع وليس في الغرف المغلقة.
من اعتصامات واحتجاجات عمال المياومة المستمرة منذ وقت طويل، مروراً باحتجاج النقابات على الخضار الإسرائيلية المستوردة من دون معرفة الناس بها، إلى أهالي الطيبة العطشى الذين قطعوا المسافات الطويلة ليقولوا لا، وانتهاء "بانتفاضة" عمال الموانئ الذين لم يقبلوا الضيم الواقع عليهم.
كلها أحداث تؤشر إلى أن زمن الصمت قد انتهى في الأردن، وأن الناس والغلابى خاصة قرروا أن يقولوا كلمتهم وعلى طريقتهم، وأن لا يفوضوا أحداً نيابة عنهم.
الحكومة لا تستطيع أن تدعي أن "مندسين" هم من أشعلوا أصوات الاحتجاجات، والأحزاب السياسية وحتى النقابات المهنية والعمالية ليست محركاً أساسياً لها، وهذا يعني أن المجتمع بدأ ينظم صفوفه ويتعلم فنون الضغط لانتزاع الحقوق وكسب التأييد لقضاياه المطلبية والمعيشية قبل السياسية.
الحراك المجتمعي باعتصاماته واحتجاجاته يجب أن لا يرعب الحكومة، وعليها أن تتعامل معه بحكمة وروية بعيداً عن العنف والاستخدام المفرط للقوة وبعيداً عن كيل الاتهامات والبحث عن مؤامرة خلف كل ما يجري.
ما يحدث تعبير عن حيوية المجتمع بعماله وفلاحيه وبسطائه، ما يحدث يؤشر إلى اتساع الهامش الديمقراطي بعد أن رُفعت القبضة الأمنية وانسحبت من تفاصيل المشهد الحياتي اليومي.
اذا أردنا أن نفخر بأن في الأردن ديمقراطية تتيح للناس التعبير عن مطالبهم علينا أن نعيد الاعتبار للحقوق الأساسية للمواطن، وأن نبادر إلى تغيير وتعديل وتعليق القوانين التي تصادر حقوقنا، وأن نعاقب ونحاسب من يعتدي على المواطنين الذين يعبرون عن مشكلاتهم بطريقة سلمية، لا أن نظل نشكل لجان تحقيق لذر الرماد بالعيون.
الدرك ورجال الأمن لا يجوز أن يعتدوا على أي مواطن، ومهمتهم أن يحموا الناس، وأن يحسنوا التصرف في الأزمات ومناطق الصدام والاحتكاك، وإن أخطأ المواطنون عليهم أن يصبروا، وشعارهم احتواء هذه الأحداث والمواقف والسيطرة عليها.
الحكومة يجب أن لا تنظر إلى ما يحدث في الشارع بأنه نقطة ضعف في سجلها، بل على العكس نقطة قوة لها إذا أحسنت التعامل معها واقترنت بقدرتها على التفاوض وإيجاد الحلول الممكنة.