لم بعد المنصب الحكومي أو المسؤولية في وقتنا هذا يشكلان مكسبا لمن يتولاهما في ظل الهجوم والطخ العشوائي الذي يتعرض له الجميع، بمجرد استلام الشخص لكرسي المسؤولية دون أي تمييز.
على عكس السنوات الماضية كان فيها المسؤول شخصية مهمة يحظى بكل أنواع التقدير والاحترام في حله وترحاله ويستقبل بالورود والحفاوة عند زيارته لأي مدينة أو قرية في حين نلاحظ اليوم عكس ذلك تماما بل إنه يقضي جل وقته في الدفاع عن نفسه ودحض الإشاعات التي لم نعد نعرف مصدرها أو مطلقها.
لا تفرق بين المؤسسة أو الشخص فكل منهم يخضع للتخوين والشك دون النظر إلى هيبة المؤسسات الوطنية التي طالها ما طالها أيضا، وهي التي يجب أن تبقى شامخة دون الساس بهيبتها لأن الأشخاص أو من يتولون مسؤوليتها ذاهبون كمن سبقوهم في حين تبقى هي ثابتة وشاهدة على تطور ونهضة الوطن.
إن ما يجري الآن حدا بالكثير من الشخصيات والنخب السياسية بأن تنأى بنفسها عن المشهد كله والابتعاد عن مجريات الأحداث أو التعليق على أي موضوع خوفا من أن يطالها الاتهام هي أيضا في حين اعتذرت بعض الشخصيات عن قبول أو تولي لمناصب في الدولة للسبب ذاته، لأن التخوين والتشكيك جعلانا في حالة من الفوضى اختلط فيها كل شيء، لا نفرق بين الغث أو السمين وبين الحقيقة وعكسها فأصبح الكل مباح.
ومع أننا لا ندافع عن أحد ولا نخون أيضا، لكننا نخشى أن يتسيد مشهد ضبابي تتعمق معه حالة الخوف والتردد لدى الكثير من المسؤولين عند اتخاذ أي قرار.
وفي نفس الوقت، فإننا لا ننكر أنها ساهمت في الحد من التغول على المال العام والاستهانة به حيث فرضت وسائل التواصل الاجتماعي حالة المراقبة الذاتية والعامة وأصبح المواطن يشكل رقما مهما وصعبا لدى الحكومة التي تسعى لإرضائه والتبرير له، تقيس ردة فعله كما تخشاها في أي قرار تنوي اتخاذه، كما تسارع في الدفاع عن نفسها حيال أي إشاعة غير دقيقة.
وحتى نحقق غاياتنا وأهدافنا علينا دائما أن نكون منصفين عادلين نبحث عن الحقيقة حتى لا نفقد مصداقيتنا وبالتالي نخسر جمهورنا فتضعف قدرتنا على التأثير.
الدستور