اللا تموضع والاختناق الاقتصادي
د. زياد الشخانبة
14-01-2019 05:37 PM
عمون - رغم بعض الهدوء شمالاً وشرقاً، إلا أن المشهد السياسيّ والاقتصاديّ الخارجيّ يعيشُ حالة اختناقٍ في ظلِّ تشابك القضايا الإقليميّة والدوليّة التي أدّت إلى اصطفافٍ أردني على مضض في بعض الأحيان، والنأي بالنفس في قضايا أخرى وهذا جيد إذا كان مؤقتاً.
اليوم واضح تماماً أن مراعاة الآخرين على حِساب المصلحة الاقتصاديّة ثم السياسيّة الأردنيّة أخذت تتحوّل إلى قاعدةٍ أساسيّة ونهجٍ تَبني الدولةُ الأردنيّة وفقهُ المواقف في كلِّ كبيرةٍ وصغيرةٍ، وليس أنهُ نهجٌ يتغيّر بتغيّر التحالفات والظروف والحاجة والمصلحة الذاتية.
اليوم تسيطر الحالة الأردنيّة (اللا تموضع) على الشأن الاقتصادي والسياسي مع سوريا رغم الأجواء البينيّة المريحة وتغيّر مواقف دول الجنوب، وأيضاً لا تموضع مع الحالة اللبنانيّة والانفتاح على الاطراف اللبنانيّة التي من الممكن أن يلعب الأردنُّ دوراً هاماً بينها إذا ما تم إستخدام أدوات تمتاز بها عمّان عن غيرها، أما الحالة السياسية والتجارية مع تركيا فهي تعيش في الركن الغامض.
أما بخصوص قطر ورغم حساسية الموضوع لدى اطراف أخرى، لا يمكن أن نبقى في حالة اتخاذ مواقف حُسن نيّة تجاهها أو تجاه السعودية دون موقف واضح من القضايا الرئيسة بالنسبة للأردن كالقدس والدعم الاقتصادي، أما إيران، والتي يبدو أن السياسة تجاهها تنطوي تحت قاعدة : عدم الاقتراب وعدم الصِدام، فهل أن هذه القاعدة مجدية في ظل سيطرتها الواضحة على دول مجاورة، نعم أن الحذر مهم في العلاقة مع دولة كإيران، لكن الإفادة والمصلحة الاقتصادية المشتركة أمر يجب أن يوضع على الطاولة أو فرض وضعه إذا ما تم الضغط عليها من خلال مواقف مؤثرة تستطيعها عمّان ؟
تأخير القرار هنا وهناك سببه عدم التموضع لا سيما في الشأن الاقتصادي الذي يجب أن يفهم الحلفاء أنه رأس مالُنا الذي لا نملك أبداً تعثره مع أي دولة لأجل موقفٍ سياسي لدولةٍ أخرى، والقرار بالعموم لا يملك الوقت؛ إذ لا نريد أن نتخذه لاحقاً، ويكون وقتها ليس ذو قيمة لأن الوقت المناسب قد مضى واهميته تلاشت.
واليوم لا بُد أن نتعلّم من دروسٍ عديدة في أن المواقف السياسيّة لم تنعكس بوضوح على الجانب الاقتصادي، ولم يَعد هنالك حاجة للبقاء في حالة اصطفاف كليّة دون تمرد عليها أحياناً، أو الإرتكان في أقصى يمين الحياد .
اللا تموضع حالة أردنيّة تفوّت علينا مكاسب سياسيّة واقتصاديّة، كما أن الحياديّة لم تنعش الدور الإقليمي لـعمّان التي لم تعُد المكان الذي يجتمع فيه اطراف النزاع رغم أنها الخيار الأنسب للفرقاء العرب عبر التاريخ .