أبو رمان و«جائزة الترضية» !!
رجا طلب
14-01-2019 12:22 AM
هناك وزارات في الدولة الأردنية أطلقنا عليها نحن معشر الكتاب والصحفيين «جوائز ترضية» لعدد من الوزراء في عدد من الحكومات المتعاقبة ومنها وزارة الشباب ووزارة الثقافة ومنها أيضا وزارة التنمية السياسية وتطوير القطاع العام ووزارة السياحة والآثار، وعندما نقول عنها جوائز ترضية فهذا لا يعني التقليل من قيمة تلك الوزارات ولا التقليل من قيمة ومكانة الوزراء الذين تسلموها، ومنذ آواخر الثمانينات من القرن الماضي، تبوأ عدد من الشخصيات و الوزراء المهمين والمؤثرين تلك الوزارات مثل عبد الكريم الكباريتي، وعوض خليفات، وخالد الكركي، وعيد الفايز وغيرهم مع حفظ الألقاب، ولا أعلم لماذا تعامل هؤلاء مع تلك الوزارات بحدود أنها مجرد منصب وزاري، في الوقت الذي كان يمكن إعطاء تلك الوزارات قيمة مضافة من خلال برامج عمل محددة.
بعد هذه السنوات الطويلة من عمر «وزارات الترضية» أو جوائز الترضية، فرض الواقع الموضوعي أهمية استثنائية على تلك الوزارات وبخاصة وزارتي الثقافة والشباب اللتين أوكلتا في هذه الحكومة للزميل الدكتور محمد أبو رمان، وزارتان حملهما ثقيل للغاية، وبهذا الحمل وحسبما قال لي الدكتور محمد أبو رمان خلال لقائي به، انه سيحول هذا التحدي إلى نافذة نجاح ، وسيعطي بحكم الظرف الموضوعي قيمة مضافة للوزارتين، وأسهب في شرح كيفية التعامل مع الشباب وتطوير قدراتهم الذاتية والثقافية وفي كيفية صناعة وإنتاج ثقافة شبابية مضادة للعنف والفكر الإرهابي من خلال تفعيل قرابة 190 مركزا شبابيا منها عدد كبير معطل بالإضافة إلى إيجاد مركز دراسات متخصص في وزارة الشباب يعنى بالشباب والتحديات التي تواجه هذا القطاع، بالإضافة إلى إعداد ميثاق فكري – ثقافي على غرار الميثاق الوطني يرعى الثقافة الوطنية التي ينتجها الشباب الأردني، واعترف الدكتور محمد أبو رمان بتقصير وزارة الثقافة في متابعة الحركة الثقافية بصورة عامة، والحركة الفنية الإبداعية من موسيقى وغناء وفن مسرحي ورسم ونحت، وكشف عن أن هناك برامج قيد الإعداد من قبل مختصين من اجل رعاية هذه الفنون ودعمها.
استوقفني في كلام الوزير نقطتان:
الأولى: عدم تحميل الوزراء السابقين أية مسؤولية عن تردي وضع قطاع الشباب وعدم تحميلهم التراجع والتدهور في الساحة الفنية والثقافية وحمل الظرف السياسي أو الأولويات العليا للدولة تلك المسؤولية.
والثانية: أنه وفي مقابل تبرئة الوزراء السابقين من «الفشل» كلف نفسه أدبيا بمهمة النهوض والتطوير لوزارتين مازالت الصورة النمطية عنهما هي المهيمنة وهي أنهما وزارتان فائضتان عن الحاجة.
اعتقد أن الرياضة والفن والأدب تجلب وببساطة السمعة والشهرة لأي بلد في العالم مهما علت درجته العلمية أو تطور وضعه الاقتصادي، فقد قدم نجيب محفوظ وغيره من عمالقة الأدب المصري لمصر أكثر بكثير مما جلبه السياسيون، وكان نزار قباني عنوانا للإبداع «الدمشقي»، أما محمود درويش فكان «عاشق من فلسطين» أحبه كل أحرار العالم، مثلما كان غالب هلسا و"سلطانته» عنوانا لإبداع ابن ماعين والأردن.
البذرة الإبداعية على ضفتي نهر الأردن مزروعة ومنتجة منذ بدء الخليقة، أما ما نحتاجه هو فقط رعاية هذه البذرة والرعاية هنا ليست كلمة تقال بل هي عمل جدي وحثيث يختصر الزمن ويعيد بناء أجمل ما فيه ويعيد إنتاجه بصورة راقية متجددة، مثلما كان المناخ الأردني الإبداعي بيئة لسميرة توفيق اللبنانية التي أصبحت هويتها الفنية أردنية خالصة بسبب كلمات الشهيد هزاع المجالي وأغنية «وين على رام الله»، أو أغنية على «العين موليتين وطنعش موليا» وغيرها من الأغاني التي باتت بحكم الزمن من التراث والإرث والفلكلور الأردني.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي